المواقف2 و 14 و59 و139 و 179
من المواقف الروحية
في بعض إشارات القرءان
إلى الأسرار والمعارف والإلقاءات السّبوحيّة
في تفسير آيات سورة الفاتحة
للشيخ الأمير سيدي عبد القادر بن محيي الدين الجزائري
المَوْقِفُ الثَّانِي 2
قَالَ اللهُ –تَعَالَى–: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[1]} ظَاهِرُهُ يُعْطِي أَنَّ العَبْدَ قَادِرٌ عَلَى بَعْضِ الفِعْلِ، وَعَاجِزٌ عَنْ بَعْضِهِ، لِأَنَّ لِكُلِّ مِنَ المُتَعَاوِنَيْنِ نِسْبَةٌ فِي الفِعْلِ أَيْ الحَاصِلِ بِالمَصْدَرِ.
فَاعْلَمْ أَنَّ مُخَاطَبَةَ الحَقِّ -تَعَالَى- لِعِبَادِهِ فِي كُتُبِهِ المُنُزَّلَةِ، وَعَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ -عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- إِنَّمَا جَاءَتْ عَلَى حَسَبِ مَبْلَغِ عِلْمِ عَامَّةِ العِبَادِ، وَمُنْتَهَى عُقُولِهِمْ وَمَا أَدَّتْ إِلَيْهِ بَدِيهَتِهِمْ. وَلَمَّا كَانَ عَامَّةُ العِبَادِ يَتَوَهُّمُونَ أَنَّ لَهُمْ وُجُودًا مُسْتَقِلاً مُبَايَنًا لِوُجُودِ الحَقِّ، حَادِثًا أَوْ قَدِيمًا، تَرَكَهُمْ الحَقُّ عَلَى وَهْمِهِمْ لِأَنَّ حَالَتَهُمْ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا لاَ تَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلِحُكْمٍ هُوَ يَعْلَمُهَا . وَخَاطَبَهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ وُجُودًا كَمَا زَعَمُوا، وَأَضَافَ لَهُمْ الأَفْعَالَ وَالتَّرُوكَ وَالقُدْرَةَ وَالمَشِيئَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ دَعْوَاهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ : افْعَلُوا وَاتْرُكُوا : { أَقِيمُوا الصَّلَواةَ [2]} ؛ {لاَ تَقْرِبُوا الزِّنَا [3]} ؛ {سَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ [4]}
{وَلَنْ يَتِرَكُمُ, أَعْمَالُكُمُ,[5]} ؛ {مَن شَآءَ فَليُومِنْ وَّمَنْ شَآءَ فَلْيَكْفُرِ[6] } وَنَحْوَ ذَلِكَ . وَمِنَ المَعْلُومِ البَيِّنِ أَنَّ القُدْرَةَ عَلَى الفِعْلِ وَالتَّرْكِ وَالمَشِيئَةِ وَسَائِرِ الإِدْرَاكَاتِ، تَابِعَةٌ لِلْوُجُودِ. فَمَا لاَ وُجُودَ لَهُ، لاَ فِعْلَ وَلاَ تَرْكَ وَلاَ إِدْرَاكَ لَهُ. وَالاِنْسَانُ وَكُلُّ مُمْكِنِ لاَ وُجُودَ لَهُ مُسْتَقِلاً لاَ قَدِيمًا وَلاَ حَادِثًا بُرْهَانًا وَكَشْفًا. أَمَّا الكَشْفُ فَالعَارِفُونَ مُجْمَعُونَ عَلَى هَذَا . وَأَمَّاالبُرْهَانُ فَلِأَنَّهُ [لَوْ]كَانَ لِمُمْكِنٍ، أَيُّ مُمْكِنٍ كَانَ، وُجُودٌ مُسْتَقِلٌّ مُبَايِنٌ لِوُجُودِ الحَقِّ تَعَالَى، فَوُجُودُهُ عَارِضٌ لِمَاهِيَّتِهِ. وَالفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ قَاضِيَةٌ بَدِيهَةٌ بِأَنَّ ثُبُوتَ كُلِّ صِفَةٍ لِمَوْصُوفٍ، فَرْعُ ثُبُوتِ المَوْصُوفِ فِي نَفْسِهِ. فَالمُمْكِنُ، عَلَى هَذَا، مُمْتَنِعُ الوُجُودِ إِذْ لَوْ وُجِدَ لَكَانَ وُجُودُهُ عَارِضًا لِمَاهِيَّتِهِ، وَعُرُوضُ الوُجُودِ لَهُ مُتَفَرِّعٌ عَلَى وُجُودِهِ أَوَّلاً. فَهَذَا الوُجُودُ السَّابِقُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنُ اللاَّحِقِ، أَوْغَيْرِهِ : وَالأَوَّلُ مُسْتَحِيلٌ، ضَرُورَةَ تَقَدُّمِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ، وَالثَّانِي مُسْتَحِيلٌ أَيْضًا لِأَنَّنَا نُحَوِّلُ الكَلاَمَ إِلَى الوُجُودِ السَّابِقِ، فَيَلْزِمُ الدَّوَرَ أَوِ التَّسَلْسُلَ وَكِلاَهُمَا مُحَالٌ. وَلَمَّا كَانَ خِطَابُ الحَقِّ عِبَادَهُ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى حَسْبِ تَخَيُّلِهِمْ وَتَمْشِيَّةِ لِدَعْوَاهُمْ، وَكَانَ الأَمْرُ دَائِرًا بَيْنَ مَا تَوَهَّمَتْهُ عَامَّةُ الخَلْقِ، وَبَيْنَ مَا هُوَ اَلأمْرُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ، جَاءَتْ نِسْبَةُ اَلأفْعَالِ الصَّادِرَةِ مِنَ العِبَادِ بِبَادِئَ الرَّأْيِ وَنَظَرِ العَقْلِ، مُتَنَوِّعَةً مُخْتَلِفَةً فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. فَمَرَّةً جَاءَتْ مَنْسُوبَةً إِلَى اللهِ بِالاِنْسَانِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ } وَنَحْوِهِ ؛
وَمَرَّةً مَنْسُوبَةً إِلَى الاِنْسَانِ بِاللهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ } وَنحْوِهِ ؛ وَتَارَةً مَنْسُوبَةً إِلَى الاِنْسَانِ وَحْدَهُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{ أَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ[7] } وَنَحْوِهِ ؛ وَتَارَةً نَفَاهَا عَنِ الاِنْسَانِ صَرَاحَةً، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{ لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىا شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا.[8]} { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ . وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ .[9]} وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } جَاءَ أَمْرً وَخِطَابًا عَلَى مَا تَوَهَّمَتْهُ العَامَّةُ لِأَنَّهُ لَوْلاَ تَوَهُمَ العَبْدِ أَنَّ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى بَعْضِ الفِعْلِ مَا طَلَبَ العَوْنَ عَلَى البَعْضِ المَعْجُوزِ عَنْهُ.
فَإِنْ قُلْتُ : قَالَ تَعَالَى { وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالاِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ[10] } وَظَاهِرُ هَذَا يُنَافِي مَا قُلْتُ [مِنْ أَنَّ عِلَّةَ التَّكْلِيفِ هِيَ الدَّعْوَةُ قُلْتُ]: العِبَادَةُ الَّتِي خُلِقَ لَهَا الجِنُّ وَالاِنْسُ هِيَ العِبَادَةُ الذَّاتِيَّةُ كَسَائِرِ المَخْلُوقَاتِ. وَلاَ شَكَّ أَنَّ لِلجِنِّ وَالاِنْسِ عِبَادَةٌ ذَاتِيَةٌ، وَالعِبَادَةُ الَّتِي قُلْنَا سَبَبُهَا الدَّعْوَى، هِيَ العِبَادَةُ التَّكْلِيفِيَّةُ الَّتِي نَشَأَتْ مِنَ اجْتِمَاعِ النَّفْسِ النَّاطِقَةِ بِالجِسْمِ العُنْصُرِيِّ. اهـ
[1] – الفاتحة[1]4 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ صه 2
[2] – البقرة(2)42 وأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ صه وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ صه2
– البقرة(2)82 وَإِذَا اَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ صه وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي القُرْبَىا وَاليَتَامَىا وَالمَسَاكِينِ صه وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا صه وَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ صه ثُمَّ تَوَلَّيْتُمُو إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ صه2
– البقرة(2)109 وَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ صه وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ صه إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ صه2
– النساء(4)76 اَلَمْ تَرَ إِلَى الذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وََأقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوَ اَشَدَّ خَشْيَةً صه وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القِتَالَ لَوْلآَ أَخَّرْتَنَآ إِلَىآ أَجَلٍ قَرِيبٍ صه قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلُ صه وَالاَخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اِتَّقىا صه وَلاَ تُظْلِمُونَ فَتِيلاً صه2
– النساء(4)102 فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَواةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَمًا وَقُعُودًا وَعَلَىا جُنُوبِكُمْ صه فَإِذَا اَطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ صه إِنَّ الصَّلَواةَ كَانَتْ عَلَى المُومِنِينَ كِتَابً مَّوْقُوتًا صه2
– الأنعام[6]72 وَأَنَ اَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَاتَّقُوهُ صه وَهُوَ الذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ صه2
– يونس[10]87 وَأَوْحَيْنَآ إِلَىا مُوسَىا وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ صه وَبَشِّرِ المُومِنِينَ صه2
– الحج(22)76 وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ صه هُوَ اجْتَبَاكُمْ صه وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ صه مِّلَّةَ أَبِيكُمُو إِبْرَاهِيمَ صه هُوَ سَمَّايكُمْ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ صه فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ صه وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ صه هُوَ مَوْلايكُمْ صه فَنِعْمَ المَوْلىا صه وَنِعْمَ النَّصِيرُ صه2
– النور(24)54 وَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ صه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ صه2
– الروم[30]30 مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأقِيمُوا الصَّلَواةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ 2
– المجادلة(58)13 _آشْفَقْتُمُو أَن تقَدِّمُوا بيْنَ يَدَيْ نَجْوايكُمْ صَدَقَاتٍ صه فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ صه وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ صه وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ صه 2
– المزمّل(73)18 اِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنىا مِن ثُلُثَيِ اليْلِ وَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الذِينَ مَعَكَ صه وَاللهُ يُقَدِّرُ اليْلَ وَالنَّهَارَ صه عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ صه فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْءَانِ صه عَلِمَ أَن سَيكُونُ مِنكُم مَّرْضىا وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الاَرْضِ يَبتَغُونَ مِن فَضْلِ اللهِ وَءَاخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ صه فاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ صه وَأَقِيمُوا الصَّلواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ صه وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا صه وَمَا تُقَدِّمُوا لِأنْفُسِكُم مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا صه وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ صه إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ صه 2
[3] – الإسراء(17)32 وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا 2
[4] – التوبة(9)95 يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمُو إِذَا رَجَعْتُمُو إِلَيْهِمْ صه قٌل لاَّ تَعْتَذِرُوا لَن نُّومِنَ لَكُمْ صه قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنَ اَخْبَارِكُمْ صه وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولَهُ صه ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىا عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ صه 2
[5] – محمّد(47)36 فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السِّلْمِ وَأَنْتُمُ الاَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ صه وَلَنْ يَتِرَكُمُو أَعْمَالَكُمُو صه 2
[6] – الكهف[18]29 وَقُلِ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُومِنْ وَّمَن شَىءَ فَلْيَكْفُرِ صه اِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا اَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا صه وَإِنْ يَّسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَآءٍ كَالمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ صه بِيسَ الشَّرَابُ صه وَسَآءَتْ مُرْتَفَقًا صه 2
[7] – البقرة(2)276 اِنَّ الذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ لَهُمُو أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ صه 2
– الحج(22)39 الذِينَ إِن مَكَّنَّاهُمْ فِي الاَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ وََأمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِصه وَلِلهِ عَاقِبَةُ الاُمُورِ صه 2
[8] – البقرة(2)263 يَآأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالاَذَىا كَالذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ النَّاسِ وَلاَ يُومِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ صه فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا صه لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا صه وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ صه 2
[9] – الأنفال(8)17 فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ صه وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ صه وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمىا صه وَلِيُبْلِيَ المُومِنِينَ مِنْهُ بَلآءً حَسَنًاصه اِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌصه 2
[10] – الذّاريات[51]56 وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالاِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِصه 2
__________________________________________________________________
المَوْقِفُ الرَّابِعُ عَشَرَ 14
قَالَ –تَعَالَى-: {اِهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ[1]}
أُلْقِيَ عَلَيَّ[2] وَأَنَا فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، أَنَّ الهِدَايَةَ عَلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ جِنْسٌ لاَ نِهَايَةَ لِأَفْرَادِهِ، لِأَنَّ الحَقَّ –تَعَالَى- أَمَرَ عِبَادَهُ بِطَلَبِ الهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَأتِ الصَّلاَةِ، الفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ، وَفِي غَيْرِ الصَّلاَةِ. وَالهِدَايَةُ هِيَ العَلاَمَةُ عَلَى المَقْصُودِ. وَالمُسْتَقِيمُ هُوَ صِرَاطُ أَهْلِ مَعْرِفَتِهِ –تَعَالَى-، وَمَعْرِفَتُهُ –تَعَالَى- لاَ نِهَايَةَ لَهَا، لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ كَمَالاَتُهُ، وَكَمَالَاتُهُ –تَعَالَى- لاَ نِهَايَةَ لَهَا. وَلِذَا قَالَ بَعْضُ العَارِفِينَ: « السَّيْرُ إلَى اللهِ –تَعَالَى- لَهُ نِهَايَةٌ، وَالسَّيْرُ فِي اللهِ لاَ نِهَايَةَ لَهُ« ، يُشِيرُ إِلَى هَذَا.
فَالهِدَايَةُ المَأْمُورُ بِطَلَبِهَا لاَ نِهَايَةَ لَهَا. إِذْ مِنَ المُحَالِ أَنَّهُ –تَعَالَى- مَا أَجَابَ أَحَدًا مِنَ الطَّالِبِينَ|ج1ص23|لِلْهِدَايَةِ بِشَيْءٍ مِنَ الهِدَايَةِ. وَمُحَالٌ أَنَّهُ أَجَابَهُمْ بِجَمِيعِ الهِدَايَةِ، لِأَنَّ الأَمْرَ بِطَلَبِ تَحْصِيلِ الحَاصِلِ مُحَالٌ. فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ –تَعَالَى- أَجَابَ بَعْضَ الطَّالِبِينَ لِلْهِدَايَةِ بِبَعْضِ أَفْرَادِ الهِدَايَةِ، وَأَمَرَهُمْ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ مِنْهَا عَلَى الدَّوَامِ. وَلِذَا قِيلَ لِأَهْدَى الخَلْقِ: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا[3]}.
وَالمُنْعِمُ عَلَيْهِمْ هُمْ الَّذِينَ أَرَاهُمْ الحَقُّ-تَعَالَى-حَقَائِقَ الأَشْيَاءِ، كَمَا هِيَ.
وَلِذَا قَالَ-عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-فِي دُعَائِهِ:*اللَّهُمَّ أَرِنِي الأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ*.
فَانْكَشَفَ عَنْهُمْ الغِطَاءُ، وَتَقَشَّعَ سَحَابُ الجَهْلِ بِطُلُوعِ شَمْسِ المَعْرِفَةِ لِقُلُوبِهِمْ، فَعَرَفُوا الحَقَّ وَالخَلْقَ، مَعْرِفَةَ اليَقِينِ، لاَ يَدْخُلُهَا شَكٌّ، وَلاَ تَتَطَرَّقُ إلَيْهَا شُبْهَةٌ، حَتَّى صَارَ الغَيْبُ عَنْدَهُمْ شَهَادَةً، وَهُمْ الرُّسُلُ وَالأَنْبِيَاءُ-عَلَيْهِمْ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- وَوَرَثَتُهُمْ السَّالِكُونَ طَرِيقَهُمْ.
وَالمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ هُمْ الطَّوَائِفُ الَّذِينَ مَا عَرَفُوا مَعْبُودَهُمْ وَلاَ تَصَوَّرُوهُ إِلاَّ بِصُوَرٍ مَحْسُوسَةٍ مِنْ نُورٍ وَشَمْسٍ وَكَوْكَبٍ وَوَثَنٍ وَصَنَمٍ.
وَ{الضَّالِّينَ} بِمَعْنَى الحَائِرِينَ، لِأَنَّ كُلَّ ضَالٍّ حَائِرٍ. فَهُمْ النَّاضِرُونَ فِي ذَاتِ اللهِ بِعُقُولِهِمْ، مِنْ حَكِيمٍ فَيْلَسُوفِيٍّ وَمُتَكَلِّمٍ.(ج1و/16)فَإِنَّهُمْ ضَالُّونَ حَائِرُونَ، فِي كُلِّ يَوْمٍ، بَلْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ، يَبْرُمُونَ وَيُنْقِضُونَ وَيَبْنُونَ وَيُهَدِّمُونَ وَيُجْزِمُونَ بِالأَمْرِ بَعْدَ البَحْثِ الشَّدِيدِ وَالجُهْدِ الجَهِيدِ، ثُمَّ يَشُكُّونَ فِي جَزْمِهِمْ، ثُمَّ يُجْزِمُونَ بِشَكِّهِمْ، ثُمَّ يَشُكُّونَ فِي شَكِّهِمْ…وَهَكَذَا حَالُهُمْ دَائِمًا بَيْنَ إِقْبَالٍ وَإِدْبَارٍ. وَهَذِهِ حَالَةُ الحَائِرِ الضَّالِّ.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ إِمَامِ الحَرَمَيْنِ، زَعِيمِ المُتَكَلِّمِينَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ:
« قَرَأْتُ خَمْسِينَ أَلْفَ فِي خَمْسِينَ أَلْفٍ، وَخلَيْتُ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَإِسْلاَمِهِمْ وَعُلُومِهِمْ، وَخُضْتُ فِي الذِي نَهَى الشَّرْعُ عَنْهُ، وَرَكِبْتُ البَحْرَ الخَضْمَ… كُلُّ هَذَا فِي طَلَبِ الحَقِّ، وَهُرُوبًا مِنَ التَّقْلِيدِ. وَالآنَ رَجَعْتُ إِلَى كَلِمَةٍ:
« عَلَيْكُمْ بِدِينِ العَجَائِزِ. فَالوَيْلُ لاِبْنِ الجُوَيْنِي إِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ اللهُ بِلُطْفِهِ« .
وَنُقِلَ عَنْ فَخْرِ الدِّينِ الرَّازِي، إِمَامُ المُتَكَلِّمِينَ، أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ المَوْتِ:
« اللَّهُمَّ ِإيمَانًا كَإِيمَانِ العَجَائِزِ« . وَمِنْ شِعْرِهِ يَتَأَسَّفُ عَلَى مَا فَاتَهُ:
نِهَايَةُ إِقْـــدَامِ العُقُولِ عُقَالٌ * وَأَكْثَرُ سَعْيِ العَالَـمِينَ ضَلاَلُ
وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا * سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قِيلَ وَقَالُوا
إِلَى آخِرِ مَا قَالَ.
وَأَنْشَدَ مُحَمَّدُ الشَّهْرَسْتَانِي، فِي كِتَابِهِ |نِهَايَةُ العُقُولِ|، وَهُوَ كِتَابٌ مَا أَلَّفَ مِثْلَهُ مُتَكَلِّمٌ.
لَعَمْرِي لَقَدْ طِفْتُ المَعَاهِدَ كُلَّهَا * وَسَرَحْتُ طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ المَعَالِمِ
فَلَمْ أَرَ إِلاَّ وَاضِعًا كَفَّ حَائِـرٍ * عَلَى ذَقْنِــهِ أَوْ قَارِعًا سِنَّ نَادِمِ
فَهَؤُلاَءِ فُحُولُ المُتَكَلِّمِينَ، أَنْظُرْ إِلَى حَيْرَتِهِمْ وَضَلاَلِهِمْ !
فَكَيْفَ تَكُونُ حَالَةُ مَنْ دُونِهِمْ ؟ وَلِهَذَا تَرَى طَوَائِفَ المُتَكَلِّمِينَ يَلْعَنُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، وَيُكَفِّرُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا. بخِلاَفِ أَهْلِ اللهِ-تَعَالَى-العَارِفِينَ بِهِ، فَإِنَّ كَلِمَتَهُمْ وَاحِدَةٌ فِي تَوْحِيدِ الحَقِّ وَاحِدَةً وَأَمْرُهُمْ جَمِيعُ، كَمَا قَالَ-تَعَالَى- {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ[4]}.
وَأَمَّا الحَيْرَةُ الحَاصِلَةُ لِلْعَارِفِينَ، فَمَا هِيَ الحَيْرَةُ الحَاصِلَةُ لِلْمُتَكَلِّمِينَ.
وَإِنَّمَا هِيَ حَيْرَةٌ أُخْرَى حَاصِلَةٌ مِنَ اخْتِلاَفِ التَّجَلِّيَاتِ وَسُرْعَتِهَا وَتَنَوُّعَاتِهَا وَتَنَاقُضِهَا. فَلاَ يَهْتَدُونَ إِلَيْهَا وَلاَ يَعْرِفُونَ بِمَا يَحْكُمُونَ عَلَيْهَا. فَهِيَ حَيْرَةُ عِلْمٍ وَلاَ حَيْرَةُ جَهْلٍ. فَلاَ تُقَاسُ المَلاَئِكَةُ بِالحَدَّادِينَ.[5]
وَفِي قَوْلِهِ: {المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ[6]}، تَعْرِيفٌ لَهُمْ بِأَنَّهُ ِإنَّمَا أَتَى عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ، حَيْثُ حَوَّلَ اِلإسْنَادُ ِإلَى بِنَاءِ المَجْهُولِ. وَمَا قَالَ: « الَّذِينَ غَضَبْتُ عَلَيْهِمْ »، وَلاَ قَالَ: « الَّذِينَ أَضْلَلْتُهُمْ ». كَمَا قَالَ: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}
فَأَصْلُ النِّعْمَةِ مِنْهُ-تَعَالَى-وَهُوَ سَبَبُهَا، وَأَصْلُ الغَضَبِ مِنَ المَغْضُوبِ عَلَيْهِ وَهُوَ سٍَبَبُهُ. فَمَا كَانَ أَصْلُهُ وَسَبَبُهُ القَدِيمُ-تَعَالَى-، فَإِنَّهُ لاَ يَزُولُ، وَمَا كَانَ أَصْلُهُ وَسَبَبُهُ الحَادِثُ، فَإِنَّهُ يَزُولُ.
اِفْهَمْ مَا أَوْمَأْنَا إِلَيْهِ ! فَفِي الآيَةِ جَبْرٌ لِكَسْرِهِمْ.
[1] – [01]الفاتحة6 اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ 14
[2] يضيف المؤلف بخطّه في الهامش: « كنت في أي صوفية » في مخطوطة ||متحف المركزي للجيش، ولم توجد هذه الإضافة في مخطوطة ( ) المكتبة الوطنية.
[3] – [20[طه114 فَتَعَـلَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّصه وَلاَ تَعْجَلْ بِالقُرْءَانِ مِن قَبْلِ أَنْ يُّقْضىآ إِلَيْكَ وَحْيُهُوصه وَقُلْ رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًاصه
[4] – [42]الشورى13 شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصّىا بِهِى نُوحًا وَالذِى~ أَوْحَيْنَآ ِإلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِى~ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسىا وَعِيسىآ أَنَ اَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِصه كَبُرَ عَلَى المُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمُو~ إِلَيْهِصه اللهُ يَجْتَبِيْ إِلَيْهِ مَنْ يَّشَآءُ وَيَهْدِى~ إِلَيْهِ مَنْ يُّنِيبُصه 14 ج1ص66
[5] ما يلي من هذا الموقف غير موجود في نسخة ( ) المكتبة الوطنية، وهو زائد في حاشية نسخة | | المتحف المركزي للجيش.
[6] – [01]الفاتحة7 صِرَاطَ الذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلِّينَصه 14 ج1ص66
______________________________________________________________________________
المَوْقِفُ التَّاسِعُ وَالخَمْسُونَ 59
قَالَ –تَعَالَى-: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ، الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَـلَمِينَ، الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ، مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ[1]}
مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى تَبْشِيرِ الحَقِّ-تَعَالَى-عِبَادَهُ بِسِعَةِ رَحْمَتِهِ، وَأَخْبَارِهِمْ تَلْوِيحًا، بَلْ تَصْرِيحًا لِمَنْ عَقَلَ بِعُمُومِ عَفْوِهِ، وَشُمُولِ مَعْرِفَتِهِ، فَلْيَنْظُرْ فِيمَا جَعَلَهُ اللهُ فَاتِحَةً لِكَلاَمِهِ-تَعَالَى- المُنَزَّلِ عَلَى رَسُولِهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَخَاطَبَ بِهِ كُلُّ مَنْ بَلَغَهُ.
فَإِنَّهُ أَخْبَرَ –تَعَالَى- أَنَّهُ المَلِكُ يَوْمِ الدِّينِ، أَيْ مَلِكُ الجَزَاءِ، بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ –تَعَالَى- أَنَّ الحَمْدَ لَهُ، عَلَى الحَصْرِ وَالاِخْتِصَاصِ، أَوْ الاِسْتِحْقَاقِ.
وَهُوَ بِمَعْنَى:
– جِنْسِ الحَمْدِ إِنْ كَانَتِ اللاَّمُ لاِسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ الجِنْسِ،
– أَوْ حَقِيقَةِ الحَمْدِ، إِنْ كَانَتْ اللاَّمُ لِلْحَقِيقَةِ وَالمَاهِيَّةِ.
وَالحَمْدُ، هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى الَمحْمُودِ بِصِفَاتِهِ الجَمِيلَةِ. وَلَيْسَتْ
– إِلاَّ صِفَاتُ الجَمَالِ: كَالحِلْمِ وَالعَفْوِ وَالسِّتْرِ وَالرَّحْمَةِ وَالكَرَمِ وَالإِحْسَانِ،
– لاَ صِفَاتُ الجَلاَلِ: كَالاِنْتِقَامِ وَشِدَّةِ البَطْشِ وَالغَضَبِ.
فَإِنَّ الحَمْدَ عَلَيْهَا مِنْ كَوْنِهَا صِفَاتُ كَمَالٍ، فَالحَمْدُ عَلَيْهِ نِسْبِيٌّ.
ثُمَّ َأخْبَرَ –تَعَالَى- أَنَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ.
وَالرَّبُّ هُوَ المُصْلِحُ لِكُلِّ مَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ تَرْبِيَّةٌ. فَيُرَبِّيهِ إِلَى أَوَانِ حُصُولِ ثَمْرَتِهِ المَقْصُودَةِ مِنْهُ، وَبُلُوغِ نَتِيجَتِهِ.
وَالقَصْدُ الأَوَّلُ مِنْ خَلْقِ المَخْلُوقَاتِ، مَعْرِفَةُ الحَقِّ –تَعَالَى-.
قَالَ –تَعَالَى-: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالاِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ[2]}؛ *|كُنْتُ كَنْزًا مُخْفِيًا، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُعْرَفَ، فَخَلَقْتُ خَلْقًا، وَتَعَرَّفْتُ إِلَيْهِمْ، فَعَرَفُونِي بِي|[3]*.
فَمَعْرِفَتُهُ –تَعَالَى-
– حَاصِلَةٌ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ مِنْ وَجْهٍ، وَهِيَ مَعْرِفَةُ الفِطْرَةِ،
– وَغَيْرُ حَاصِلَةٍ لِمَخْلُوقٍ، أَيُّ مخَْلُوقٍ كَانَ، مِنْ وَجْهٍ، وَهِيَ مَعْرِفَةُ الكُنْهِ،
– وَحَاصِلَةٌ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ مِنْ وَجْهٍ، وَهَذَا الوَجْهُ الحَاصِلُ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فِي الدُّنْيَا، حَصَلَ لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الكَمَالِ.
فَمَنْ حَصَلَتْ لَهُ المَعْرِفَةُ فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ سَعِيدٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،
وَمَنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ المَعْرِفَةُ إِلاَّ فِي الآخِرَةِ، فَهُوَ سَعِيدٌ فِي الآخِرَةِ، وَالكُلُّ تَحْصُلُ لَهُ فِي الآخِرَةِ.
فَالكُلُّ حَاصِلٌ عَلَى الثَّمْرَةِ المَقْصُودَةِ مِنْ إِيجَادِهِ، فَهُوَ سَعِيدٌ فِي الآخِرَةِ.
وَالشَّقَاءُ الحَاصِلُ لِلْبَعْضِ فِي الآخِرَةِ، إِنَّمَا هُوَ مِثْلُ الشَّقَاءِ الحَاصِلِ لِلْبَعْضِ فِي الدُّنْيَا، بِالأَمْرَاضِ وَالفَقْرِ، وَسَائِرِ الآلاَمِ الزَّائِلَةِ بِضِدِّهَا، أَوْ بِالمَوْتِ.
ثُمَّ أَخْبَرَ –تَعَالَى- أَنَّهُ {الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ} بِصِيغَةِ المُبَالَغَةِ، إِفَادَةً لِلتَّكْثِيرِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ –تَعَالَى- كَامِلُ الرَّحْمَةِ، بِحَيْثُ لاَ يَشُوبُهَا نَقْصٌ.
يَرْحَمُ عِبَادَهُ بِسَبَبٍ وَبِغَيْرِ سَبَبٍ، كَمَا أَوْجَدَهُمْ بِلاَ سَبَبٍ غَيْرَ رَحْمَتِهِ.
فَلاَ سَبَبٌ لِرَحْمَتِهِ عِبَادَهُ إِلاَّ رَحْمَتِهِ. فَمِنْ رَحْمَتِهِ إِيجَادُهُمْ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ إِسْعَادُهُمْ.
ثُمَّ أَخْبَرَ –تَعَالَى- أَنَّهُ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بِمَعْنَى {مَالِكِ } الجَزَاءِ.
فَيُجَازِي كُلَّ أَحَدٍ بِمَا يُرِيدُ مُجَازَاتَهُ بِهِ. وَمِنَ المَعْلُومِ ضَرُورَةً أَنَّ الحَقَّ –تَعَالَى- أَرْشَدَنَا وَنَدَبَنَا فِي كُتُبِهِ، وَعَلَى سُنَّةِ رُسُلِهِ –عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- إِلَى العَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالسِّتْرِ فِيمَا بَيْنَنَا. وَمَدَحَ فَاعِلُ ذَلِكَ، وَوَعَدَهُ بِجَزِيلِ الأَجْرِ، بَلْ جَعَلَهُ-تَعَالَى-وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَقَالَ: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ[4]}، وَ{عَلَى}مِنْ صِيَغِ الوُجُوبِ.
وَمُحَالٌ أَنْ يَأْمُرَ –تَعَالَى- بِاسْتِعْمَالِ مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ، وَيَنْدُبَ إِلَى الإِحْسَانِ، ثُمَّ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ هُوَ مَعَ عِبَادِهِ وَلاَ يُعَامِلُهُمْ بِهِ، -تَعَالَى- عَنْ ذَلِكَ.
إِذْ |لاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ المَدْحَ مِنَ اللهِ-تَعَالَى-|كَمَا فِي الصَّحِيحِ[5].|ج1ص56|
وَلاَ سِيَّمَا،
وَالحِكْمَةُ الَّتِي وَضَعَ لِأَجْلِهَا –تَعَالَى- العُقُوبَاتِ وَالحُدُودَ الَّتِي شَرَعَهَا لَنَا فِي الدُّنْيَا لِإِصْلاَحِ دِينِنَا وَدُنْيَانَا،
وَإِبْقَاءُ لِعِمَارَةِ الدَّارِ الدُّنْيَا إِلَى أَجَلِهَا المَوْعُودِ، زَالَتْ فِي الآخِرَةِ، وَمَا بَقِيَتْ لَهَا فَائِدَةٌ يَرْجِعُ مِنْهَا نَفْعٌ لِلْمَخْلُوقِينَ بَعْدَ حُصُولِ القِصَاصِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَاسْتِيفَاءُ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقُّهُ.
وَقَدْ أَخْبَرَ-تَعَالَى-أَنَّهُ يُوقِلُ عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيُحَاسِبُهُمْ وَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ، وَلاَ يَضَعُ حَقَّ أَحَدٍ، وَهُوَ الصَّادِقُ فِيمَا أَخْبَرَ. وَكُلُّ هَذَا، الرَّحْمَةُ فِيهِ أَغْلَبُ مِنَ الغَضَبِ، وَالحِلْمُ أَكْبَرُ مِنَ العُقُوبَةِ.
وَفِي الخَبَرِ الصَّحِيحِ: *|أَنَّهُ-تَعَالَى-يَصْلُحُ بَيْنَ عِبَادِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ|[6]*.
-فَلاَ تَزَالُ الرَّحْمَةُ فِي حَالِ الحُكْمِ وَبَعْدَ الحُكْمِ بَيْنَ الخَلاَئِقِ- تُغَالِبُ الغَضَبَ وَتُسَابِقَهُ، حَتَّى تَمْحُو أَثَرَهُ وَتُنَسِّي خَبَرَهُ، فَتَشْمُلُ السَّعَادَةُ وَتَعُمُّ الرِّفَادَةُ.
وَلاَ شَكَّ أَنَّ الحَقَّ-تَعَالَى-{مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ}،سَوَاءٌ كَانَ المُرَادُ بِيَوْمِ الدِّينِ، يَوْمَ الجَزَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، أَوِ الآخِرَةِ فَقَط.
فَهُوَ فِي الدُّنْيَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الحِكْمَةِ، وَفِي الآخِرَةِ تُرْفَعُ تِلْكَ الحُجُبُ، وَتُهَتَّكُ تِلْكَ الأَسْتَارُ، لِأَنَّ الآخِرَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى إِظْهَارِ القُدْرَةِ، فَيَشْهَدُ كُلُّ فِعْلٍ لِلْوَاحِدِ القَهَّارِ.
[1] – [01]الفاتحة01 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
– [01]الفاتحة02 الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَـلَمِينَ
– [01]الفاتحة03 الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
– [01]الفاتحة04 مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِصه
[2] – [51]الذاريات56 وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالاِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِصه
[3] *|كُنْتُ كَنْزًا مُخْفِيًا، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُعْرَفَ، فَخَلَقْتُ خَلْقًا، وَتَعَرَّفْتُ إِلَيْهِمْ، فَعَرَفُونِي بِي|*
[4] – [042]الشورى40 وَجَزَآؤُا سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَاصه فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُو عَلَى اللهِصه إِنَّهُو لاَ يُحِبُّ الظَّـلِمِينَصه
[5] *|لاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ المَدْحَ مِنَ اللهِ-تَعَالَى-|* في الصّحيح
[6] *|أَنَّهُ-تَعَالَى-يَصْلُحُ بَيْنَ عِبَادِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ|* في الصحيح
________________________________
المَوْقِفُ التَّاسِعُ وَالثَّلاَثُونَ وَمِائَة 139
قَالَ –تَعَالَى– :{ اَهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ[1] }
« الـ » في الصِّرَاطِ لِلْعَهْدِ. وَالمَعْهُودُ هُوَ صِرَاطُ اللهِ الَّذِي يَهْدِي إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– وَيَدْعُو إِلَيْهِ كَمَا قَالَ –تَعَالَى-: { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[2]} صِرَاطُ اللهِ.
وَقَالَ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ[3]}.
وَقَالَ: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[4]} وَهُوَ صِرَاطُ رَبِّ هُودٍ-عَلَيْهِ السَّلاَم- حَيْثُ يَقُولُ: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[5]} وَهُوَ صِرَاطُ رَبِّ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ- عَلَيْهِمُ السَّلاَمِ- وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ المُنْعِمِ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ.
كَمَا قَالَ: {فَأَوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ[6]} وَهَذَا هُوَ الصِّرَاطُ الَّذِي أَمَرَنَا بِطَلَبِ الهِدَايَةِ إِلَيْهِ فِي كُلِّ صَلاَةٍ. وَأَمَّا مَا عَدَا صِرَاطِ النَّبِيِّينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَتِلْكَ سُبُلٍ، وَهِيَ سُبُلُ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ. وَلاَ يُقَالُ فِيهَا » صِرَاطٌ » وَلِذَا قَالَ –تَعَالَى-:
{غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ[7]}، وَمَا قَالَ: صِرَاطُ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ. وَهِيَ مِنْ وَجْهِ صِرَاطِ اللهِ مِنْ حَيْثُ جَمْعِيَّ الاسْمِ اللهِ، وَلَكِنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٌ، إِذْ جَمِيعُ المَخْلُوقَاتِ، إِنَّمَا مَشْيُهَا عَلَى سُبُلِ الأَسْمَاءِ الإِلَهِيَّةِ، وَهِيَ فِي قَبْضَتِهَا كَمَا قَالَ: {مَا مِنْ ذَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا[8]} وَصِرَاطُ اللهِ المُسْتَقِيمُ هُوَ الَّذِي جَاءَتْ الكُتُبُ وَالرُّسُلُ-عَلَيْهِمُ السَّلاَمِ- آمِرَةٌ بِاتِّبَاعِهِ وَالمَشْيِ عَلَيْهِ، وَنَاهِيَةٍ عَنِ اتِّبَاعِ السُّبُلِ وَالمَشْيِ عَلَيْهَا.
قَالَ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ[9]}.
ثَبَتَ فِي صَحِيحِ البُخَارِي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – أَنَّهُ قَالَ : * خَطَّ لَنَا رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَوْمًا خَطًّا، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا صِغَارًا عَنْ يَمِينِ الخَطِّ وَشِمَالِهِ فَقَالَ : هَذَا صِرَاطُ اللهِ، وَهَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ*.
غَالِبًا فِي « صِرَاطِي » ضَمِيرُ المُتَكَلِّمِ، وَهُوَ اللهُ –تَعَالَى–.
فَالصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ مَظْهَرُ الاسْمِ الجَامِعِ، وَهُوَ اللهُ، وَالسُّبُلُ مَظَاهِرُ جُزْئِيَّاتٍ الأَسْمَاءِ الإِلَهِيَّةِ. فَكُلُّ سَبِيلٍ هُوَ سَبِيلُ اللهِ، مِنْ حَيْثُ الحَقِيقَةِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَتَكَثَّرَتْ كَثْرَة لاَ يُحِيطُ بِهَا إِلاَّ هُوَ تَعَالَى، لأنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ إِلاَّ أَسْمَاؤُهُ –تَعَالَى–، هِيَ الدَّاعِيَّةُ لِلْخَلْقِ، وَهِيَ سُبُلُهُ المُضِلَّةُ كَمَا قَالَ: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ[10]}.
وَقَالَ، حِكَايَةً عَنْ رَسُولِهِ مُوسَى- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،: {إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ[11]} وَهِيَ مَظَاهِرُ المُضِلِّ وَجُزْئِيَّاتِهِ، كَمَا أَنَّ صِرَاطَ اللهِ، الَّذِي هُوَ الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ. هُوَ مَظْهَرُ أَسْمَائِهِ الجَمَالِيَّةِ، اسْمُهُ الهَادِي، وَجُزْئِيَّاتُهُ وَالكُلُّ رَاجِعٌ إِلَى الاسْمِ » الله » وَإِنَّمَا خَصَّ صِرَاطَ المُنْعَمِ عَلَيْهِمْ بِتَسْمِيَّتِهِ بِصِرَاطِ اللهِ، تَشْرِيفًا لَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الاسْمِ الجَامِعِ. وَلِأَنَّ غَايَتَهُ الوُصُولُ إِلَى الرَّحْمَةِ المَحْضَةِ، وَاسْمُهُ الرَّحْمَنُ، مِثْلُ الاسْمِ « الله » مِنْ حَيْثُ أَنَّ كِلاَ مِنْهُمَا لَهُ الأَسْمَاء الحُسْنَى. وَعَلَى هَذَا، فَكُلُّ كَافِرٍ عَاصِيٍّ مُخَالِفٌ مَاشٍ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ اللهِ المُسْتَقِيمِ، مِنْ حَيْثُ الأَمْرِ الشَّرْعِيِّ التَّكْلِيفِيِ الوَصْفِيِّ.
فَهُوَ مُطِيعٌ مُوَافِقٌ، مَاشٍ عَلَى صِرَاطِ اللهِ مِنْ حَيْثُ الأَمْرُ الإِرَادِيُّ.
فَمَا فِي نَفْسِ الأَمْرِ إِلاَّ مُطِيعٌ غَيْرَ أَنَّ مَنْ كَانَ مُحْتَدِهِ وَرَبُّهُ المُتَوَجِّهُ عَلَيْهِ أَوْ لاَ مِنْ أَسْمَاءِ الجَمَالِ وَالهَدْيِ، كَانَ خَيِّرًا سَعِيدًا بِالذَّاتِ، وَإِنْ عَرَضَتْ لَهُ عَوَارِضٌ فِي طَرِيقِهِ ضِدَّ السَّعَادَةِ وَالخَيْرِ، فَإِنَّهَا تَزُولُ.
وَالنِّهَايَةُ لاَ تَكُونُ إِلاَّ عَيْنُ البِدَايَةِ. وَلاَ بُدَّ، وَمَا بِالذَّاتِ لاَ يَزُولُ.
وَالعَوَارِضُ أَحْوَالٌ تَحُولُ، وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ، مَا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيْهِ، وَمَا هُوَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ. اهـ
[1] من الآية 5 من سورة الفاتحة [1]
[2] من الآية 52 من سورة السورة [42]
[3] من الآية 153 من سورة الأنعام [6]
[4] من الآية 74 من سورة المؤمنون [23]
[5] من الآية 56 من سورة هود [11]
[6] من الآية 68 من سورة النساء (4)
[7] من الآية 7 من سورة الفاتحة [1]
[8] من الآية 56 من سورة هود [11]
[9] من الآية 153 من سورة الأنعام [6]
[10] من الآية 28 من سورة الرعد (13)
[11] من الآية 154 من سورة الأعراف [7]
________________________________________________________________________
Commentaires récents