عَفِيفُ الدِّينِ التِّلِمْسَانِي

سليمان بن شمس الدين علي بن عبد الله علي بن تيس العُبَّادِي الكومي التّلمساني

وُلِدَ وَنَشأَ بِتِلِمْسَان عام 610هـ الموافق في غرّته 22 ماي 1213م

تُوُفِيَّ بِدِمَشق  عام 690هـ الموافق في غرّته 4 جانفي 1291م

أَدِيب، مُتصوّف، شاعر :

 » مَنْ عَرَفَ اللهَ، كَيْفَ يَخَافُهُ !

وَاللهِ!  مُنْذُ عَرَفْتُهُ مَا خِفْتُهُ وَأَنَا فَرْحَانٌ بِلِقَائِهِ « 

رحلات عفيف الدين التلمساني : ارتحل إلى الشرق فدخل القاهرة ثمّ سافر إلى بلاد الرّوم وبنى فيها أربعين خلوةً ثمّ استوطن دمشق وعُيِّن موكلاً بخزانة مال دمشق. كان متصوفًا، يتكلّم على اصطلاح « القوم » ويتّبع طريقة ابن العربي في أقواله وأفعاله .  اتّهمه فريق بالميل إلى مذهب النصيرية . أُصيب بفاجعة لا يصبر عليها كثير من الأدباء وهي أنّ ابنه الشاب الظّريف التّلمساني توفيّ في معية الصبا، ولم يدرك الثلاثين، فغالت أحزانه على ابنه ورثاه ذاكرًا أخاه أيضًا بمرثاة يرثي لهما. وتوفي بعده بعامين.

من مؤلّفاتهv– شرح « مواقف » النفّري (ت 354هـ/م965) من خلال نظرية وحدة الوجود لابن عربي ومدرسته الكبرى التي نجد من أعلامها عفيف الدّين التلمساني نفسه.

v– شرح كتاب الفصوص لابن عربي

v– شرح كتاب « منازل السائرين » للمردي

v– شرح أسماء الله الحسنى

v– شرح قصيدة ابن سينا في الروح التي مطلعها :

هبطت إليك في المحلّ الأرفع *  ورقاء ذات تعزز وتمنع

–         vله كتاب في العروض

–         vوله ديوان شعر،

   قال فيه الذهبي : « وشعره في الذّروة العليا من حيث البلاغة »

 

 

من نصوص سيدي عفيف الدّين التلمساني

النص الأوّل

موقف قد جاء وقتي

قُلْتُ : هَذَا التَّنَزُّلُ العَزِيزُ فِي هَذَا اللفظِ الوَجِيزِ يَتَضَمَّنُ بَحْرَيْنِ زَاخِرَيْنِ لاَ يُمْكِنُ اسْتِقْصَاءُ شَرْحِ مَعَانِيهِمَا وَلاَ اسْتِيفَاءِ مَا فِيهِمَا. أَحَدُهُمَا مِنْ حَضْرَةِ الإِطْلاَقِ عَنِ الزَّمَنِ وَالمَكَانِ وَفَنَاءِ الأَعْيَانِ فِي العِيَانِ. وَالآخَرُ مِنْ حَضْرَةِ الاسْتِوَاءِ عَلَى العَرْشِ وَالاحْتِوَاءِ عَلَى الفَرْشِ. وَسَنَشْرَحُ كُلاًّ مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الإِشَارَةِ مَعَ عَدَمِ وَفَائِهِمَا بِالعِبَارَةِ :

1-فَأَمَّا الأَوَّلُ وَهُوَ مُطْلَقُ فِي الآفَاقِ وَالأَنْفُسِ وَكُلاًّ عَنْهُمَا مُنْصَبِغٌ فِيهِ بِالوَصْفِ الأَقْدُسِ.

فَمَعْنَى قَوْلُهُ :  » قَدْ جَاءَ وَقْتِي » أَيْ وَقْتُ كَشْفِ الحِجَابِ عَنْكَ، أَيُّهَا العَبْدُ، كَشْفًا تَامًّا فِي الآفَاقِ وَالأَنْفُسِ.

وَمَعْنَى قَوْلُهُ : « وَآنَ لِي أَنْ أَكْشِفَ وَجْهِي » أي يَنْشِقُ حِسَّكَ فَتَرَى بِظَاهِرِكَ ظَاهِرِي لاَ بِمُغَايَرَةِ.

وَمَعْنَى « وَأَظْهَرُ سَبْحَتِي » أَيْ تَسْتَجَلَّى مَحَاسِنُ وَجْهِي.

وَمَعْنَى : »وَيَتَّصِلُ نُورِي » أيْ يَتَّصِلُ فِي عَيَانِكَ ظَاهِرِي بِبَاطِنِي وَكِلاَهُمَا نُورٌ. فَتَجِدُ ذَلِكَ النُّورُ فِي شُهُودِكَ مُتَّصِلاً « بالأَفْنِيَّةِ » وَهِي الصُّوَرُ الحِسِّيَّةُ « وَمَا وَرَاءَهَا ».

وَيَعْنِي »بما وَرَاء الأَفْنِيَّةِ » مَا لَحِقَ بِهَا مِنْ أَحْكَامِهَا الخَاصَّةِ بِهَا.

وَمَعْنَى : »وَتَطَّلِعُ عَلَيَّ العُيُون »- هُوَ مَا ذَكَرَ مِنَ انْشِقَاقِ حِسِّ العَبْدِ حَتَّى يَرَى بِظَاهِرِهِ ظَاهِرَ الحَقِّ.

وَمَعْنَى قَوْلُهُ : » وَالقُلُوبُ » أي العُقُولُ.

وَمَعْنَى « وَتَرَى عَدُوِّي يُحِبُّنِي » أي مَا كُنْتَ بِالعِلْمِ الظَّاهِرِ تَرَاهُ عَدُوًّا لَهُ تَعَالَى، مُحِبًّا لَهُ، وَلاَ يَكُونُ مُحِبًّا حَتَّى يَكُونُ قَبْلَ ذَلِكَ مَحْبُوبًا، لأنَّ مَحِبَّتَهُ تَعَالَى تَسْبقُ مَحَبَّةَ عَبْدِهِ. فَهُوَ إِذَنْ فِي عَيَانِكَ إذّاكَ مَحْبُوبًا وَمُحِبًّا. وَذَلِكَ بِنَظَرِ العُرِفَانِ بِخِلاَفِ العِلْمِ. وَمِنْ أَقْوَالِهِمْ : مَنْ نَظَرَ النَّاسَ بِعَيْنِ الشَّرِيعَةِ مَقَّتَهُمْ، وَمَنْ نَظَرَهُمْ بِعَيْنِ الحَقِيقَةِ عَذَرَهُمْ. وَهَذَا مِنْ هَذَا القَبِيل

وَمَعْنَى « وَتَرَى أَوْلِيَائِي يَحْكُمُونَ » أي أَهْل مَعْرِفَتِي يَتَصَرَّفُونَ بِي، فَتُصَرِّفُهُمْ إِذَّاكَ عَيْنُ تَصَرُّفِي.

وَمَعْنَى: » وَارْفَعْ لَهُمْ العُرُوشَ » أي أريك أنّ كلاّ منهم ليس غيري. فَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ.

وَمَعْنَى : » وَيُرْسِلُونَ النَّارَ فَلاَ تَرْجَع » أيَسْقُط فِي عِيَانِهِمْ اعْتِبَارَ حُكْمِ عَذَاب جَهَنَّم، لأنَّهَا لِلْخَلْقِ وَفِي عَالَمِ الخَلْقِ.

وَمَعْنَى: » فَلاَ تَرْجَع » أي يُعْتَبَر حُكْمُهَا عِنْدَهُمْ بَعْدَهَا فِي دُونِ هَذِهِ المَشَاهِدِ.

وَمَعْنَى: » وَأُعَمِّرُ بُيُوتِي الخَرَابَ » أي تَرَى المَوْجُودَاتِ الَّتِي كُنْتَ تَعُدُّهَا خَالِيَّةً مِنْ وُجُودِي غَيْرَ قَائِمَةٍ بِي، عَامِرَةً بِوُجُودِي، قَائِمَةً بِي حَتَّى لاَ تَرَى سِوَايَ. فَإِذَنْ كَانَتْ خَرَابًا فِي نَظَرِكَ فَعمِرَتْ، وَهذَا بِعَيْنِهِ هُوَ مَعْنَى:

« وَتَتَزَيَّن بِزِينَةِ الحَقِّ » لِأَنَّهُ كَانَ رَآهَا بِعَيْنِ الاِسْتِنْقَاصِ، فَصَارَ يَرَاهَا بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ. فَكَأَنَّهَا تَزَيَّنَتْ. وَذَلِكَ لِانْصِبَاغِ نَظَرِهِ بِالحَقِّ. قال الشاعر :

وَإِذَانَظَرْتَ إِلَىالوُجُودِ بِعَيْنِهِ*عَايَنْتَ كُلَّ الكَائِنَاتِ مِلاَحًا

وَمَعْنَى « وَتَرَى قِسْطِي كَيْفَ يَفْنَى مَا سِوَاء » – أي تَتَبَدَّل الأَشْيَاء فِي عِيَانِكَ عَنِ الخَلْقِيَّةِ إِلَى الحَقِّيَّةِ شَيْئًا فَشَيْئًا. فَقِسْطُهُ فِي المَوْجُودَاتِ هُوَ مَا يَرَاهُ العَبْدُ أَنَّهُ مِنْ سَيِّدِهِ تَعَالَى. وَهَذَا القِسْطُ لاَ يَزَالُ يَفْنَى فِي عيانِ هَذَا المشاهِد شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى لاَ يَرَى سِوَى الحَقَّ تَعَالَى. فَتَتَزَيَّنُ الأَشْيَاءُ عِنْدَهُ بِزِينَةِ الحَقِّ. وَهَذِهِ الزِّينَةُ لَمْ تَتَجَدَّد فِي نَفْسِ اَلأمْرِ، بَلْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِيَانِ هَذَا العَبْد. وَإِلاَّ فَالمَوْجُودَاتُ مُتَزَيِّنَة أَبَدًا.

وَمَعْنَى « وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى اليُسْرِ » – يَعْنِي فِي نَظَرِكَ، فَتَرَاهُمْ كُلُّهُمْ عَلَى خَيْرٍ وَفِي سَبِيلِ رَحْمَةٍ. رَأَيْتُ فِي كَلاَمِ الشَّيْخِ عَبْد الرَّحِيم، شَيْخِ ابْنِ الصَّبَّاغِ فِي الصَّعِيدِ الأَعْلَى مِنْ أَرْضِ مِصْر، قَالَ :  » كُنْتُ أَنْكُرُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَكُونَ فِي بَلَدٍ يكُونُ فِيهِ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ. وَأَنَا اليَوْمَ لاَ اسْتَنْكِفُ أَنْ أُعَانِقَهُمْ. » وَهَذَا مَعْنَى كَلاَمِه لاَ لَفْظِهِ . وَهَذَا النَّفَسُ هُوَ بِعَيْنِهِ ذَلِكَ. وَهُوَ أَنْ تَرَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى اليُسْرِ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلُهُ « وَلاَ يَفْتَرِقُونَ » – أي لاَ تُفَرِّقُ فِي شُهُودِكَ بَيْنَهُمْ، كَمَا قَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ.

وَمَعْنَى « وَلاَ يُذَلُّونَ »- أي أَرَاهُمْ فِي حَضْرَةِ الحَقِّ كُلَّهُمْ غَيْر أَذِلاَّء، أي غَيْر مَنْسُوبِينَ إِلَى نَقْصٍ.

وَمَعْنَى « اسْتَخْرِجُ كَنْزِي »- أي أَنَّ كَوْنِي مَعَ كُلّ شَيء هُوَ خَفِيٌّ عَنْكَ. فَكَأَنَّهُ كَنْزهُ فَاسْتَخْرَجَهُ بِشُهُودِكَ. فَإِذَا تَحَقَّقْتُهُ فَقَدْ « تَحَقَّقْتَ بِمَا ؛َقَّقَتْكَ بِهِ »- أي أَظْهَرْتُكَ عَلَيْهِ مِنَ الحَقِيقَةِ.

وَمَعْنَى « من خَبَرِي » أَيْ مِنْ خِطَابِي لَكَ بِلِسَانِ الكَشْفِ وَالحَالِ وَمَا يُنْطِقَانِ بِهِ.

وَمَعْنَى « وَمِنْ عَادَتِي »- أي مِمَّا فَهِمْتُهُ، أي من تَيسُّر الشُّهُودِ لَكَ.

وَمَعْنَى « وَقُرْبَ طُلُوعِي »- أي مِمَّا فَهِمْتُهُ عِنْدَ اسْتِيلاَئِي بِحَقِّيَّتِي  على خَلْقِيَّتِكَ. وَيَزِيدُ ذَلِكَ حَتَّى عَلمت مِنْهُ قُرْبَ طُلُوعِي عَلَى عَرْشِ أَنَانِيَّتِكَ :

إِنَّ الهِلاَلَ إِذَارَأَيْتَ نُمُوَّهُ * أَيْقَنْتَ أَنْ سَيَصِيرَ بَدْرًا كَامِلاً

وَمَعْنَى « سَوْفَ أَطلعُ وَتَجْتَمِعُ حَوْلِي النُّجُومُ »-أي أَقِيمُكَ خَلِيفَةً عَنِّي. فَإِذَا طَلَعْتَ أَنْتَ فَأَنَا الطَّالِعُ، مِنْ بَاب {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى[1]} ومن باب { إنَّ الَّذِين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ. يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ[2]}. وَلَسْتُ أَقُولُ أَنَّهُ رَسُولٌ وَلَكِنَّهُ وَلِيٌّ. وَأَمَّا النُّجُومُ فَهُمْ عَبِيد، مَرَاتِبُهُمْ دُونَ مَرْتَبَة هَذَا الخَاطِبُ، يَهْتَدِي بِهِمْ.

وَمَعْنَى « وَأَجْمَعُ بَيْنَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ »-أي بَيْنَ المُفِيدِ وَالمُسْتَفِيدِ: فَإِنَّ الشَّمْسَ مَظْهَر الإِفَادَةِ وَالقَمَرَ مَظْهَرَ الاسْتِفَادَةِ.

وَمَعْنَى « وَأَدْخُلُ كُلَّ بَيْتٍ »- أي فِي عَيْنِكَ تَرَانِي المُتَصَرِّفُ فِي كُلِّ بَيْتٍ وَذَلِكَ لِعَدَمِ غَيْبَتِهِ عَنْهُ إِذَ هُوَ كَذَلِكَ دَائِمًا، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَاهُ. وَالمُرَادُ بِالبَيْتِ مَا لاَ يَخْتَصُّ بِالبُيُوتِ بَلْ يَعُمُّ الصُّوَرَ كُلُّهَا.

وَمَعْنَى « وَيُسَلِّمُونَ عَلَيَّ وَأُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ »- أي عِيَانًا تَرَى ذَلِكَ وَاقِعًا مِنِّي : فَإِنَّ التَّرَحُّمَ وَالتَّحَابُبَ بَيْنَ العَالَمَ إِنَّمَا هُوَ بالرَّحْمَةِ الحَاصِلَةِ مِنْهُ تَعَالَى فِي وُجُودِهِ العَام فِي عَالِمِهِ.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ : » ذَلِكَ بِأَنَّ لِي المَشِيئَة » -أي لاَ مَشِيئَة إِلاَّ لِي. فَالأَلِف وَاللام للجَنْسِ وَلَيءسَت للعَهْد أَوْ لِتَعْرِيفِ المَاهِيَّةِ.

وَمَعْنَى « وَبِإِذْنِي تَقُومُ السَّاعَةُ »- أَي سَاعَتُكَ أَيُّهَا العَبْدُ بِاَنْ تَمُوتَ عَنْ شُهُودِ نَفْسِكَ وَتَحْيَا بِه. وَذَلِكَ هُوَ قِيَامَتُهُ : وَمَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ، وَالفَنَاءُ مَوْتٌ….

2.- وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ حَضْرَةُ الاسْتِوَاء عَلَى العَرْشِ وَالاحْتِوَاءِ عَلَى الفَرَشِ، فَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى ظُهُورِ المَهْدِي، وَهُوَ خَلِيفَةُ اللهِ فِي وُجُودِهِ وَمَنْبَعُ كَرَمِهِ وَجُودِهِ. وَهُوَ صُورَةُ مُحَمَّدٍ عَليه السَّلاَم خَلْقًا وَخُلُقًا. وَأَمَّا التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَهُوَ لِأَنَّهُُ فَانٍ فِيهِ، مُجَلٍّ لِأَحْكَامِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا يَتْرُكُهُ وَفِيمَا يَأْتِيهِ، وَبِذَلِكَ كَانَ عَلَى قَلْبِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

فَمَعْنَى « آن لِي أَنْ أَكْشِفَ وَجْهِي » -أي وَجْه خَلِيفَتِي، عَلَى مَجَاز الحَذف : حَذف المُضَاف وَاقام المضاف إليه مقامه. وَكَذَلِكَ : » وَأَظْهَرُ سبحَاتِي وَيَتَّصِلُ نُورِي بِالأَفْنِيَّةِ » . وقِسْ عَلَى هَذَا فِي بَقِيَّةِ التنزل.

وَلنَخُص بَعْض أَلْفَاظ هَذَا التَّنَزُّل بالذكر مثل قَوْلِهِ : « وَتَرَى عَدُوِّي يُحِبُّنِي »- أي يَسْتَجِيبُ إِلَى طَاعَةِ اللهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْل َظُهُورِهِ يَسْتَجِيبُ، فَيحبّ الله تعالى فِي العُرُوشِ وَالمَرَاتِبِ.

وَمَعْنَى « وَيُرْسِلُونَ النَّارَ فَلاَ تَرْجَع »- أي يَرْفَعُونَ حُكْمَهَا. وَالنَّارُ هُنَا الجَوْرُ يَنْسُخُهُ بِالعَدْلِ. فَإِنَّهُ يَمْلَأُ الدُّنْيَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جُورًا. « وَبُيُوته الخَرَاب » – بَيُوت الله، أَعْنِي المساجدَ وَقُلُوب عِبَادِهِ. فَلِذَلِكَ « تَتَزَيَّنُ بِزِينَةِ الحَقِّ ». و »قِسْطُهُ » هُنَا عَدْلُهُ.

وَمَعْنَى : »وَاَجْمَعُ النَّاسَ عَلَى اليُسْرِ » -أي يَزِيدُ فِي الحَلاَلِ كَمَا وَرَدَ. « وَالنُّجُوم » هُم الأَكَابِرُ مِنْ أَهْلِ اللهِ تَعَالَى أَتْبَاع المَهْدِي وَأَصْحَابِهِ. كَمَا قَالَ جَدُّهُ عَلَيْهِ السَّلاَم : « أَصْحَابِي كَالنُّجُوم، بِأَيِّهِم اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ ».

وَمَعْنَى « أجمع بين الشمس والقَمَر » – أي تَبْرُزُ لَهُ الأَرْضُ كُنُوزَهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ.

وَبَاقِيهِ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ بَيِّن.


[1]  الآية 17 من سورة الأنفال(8)

[2]  الآية 10 من سورة الفتح (48)

إعداد: محمد بن أحمد باغلي