المأمورات المتعلقة بالقلوب

عشرون وهي

 

الأول: الخوف من الله تعالى

وهو اللجام القامع عن المعاصي

وسببه معرفة شدّة عذاب الله

ويسمى خشية ورهبة وتقوى

والناس فيه على ثلاث مراتب

فخوف العامة من الذنوب

وخوف الخاصة من الخاتمة

وخوف خاصة الخاصة من السابقة

والفرق بين الخوف والحزن

أن الخوف مما يستقبل والحزن على ما تقدم

وكلاهما يثير البكاء والانكسار ويبعث العبد على الرجوع إلى الله تعالى

الثاني : الرجاء

وسببه معرفة سعة رحمة الله

ويسمى طمعا ورغبة

وينبغي أن يكون الرجاء والخوف معتدلين

فإن الخوف إذا أفرط قد يعود إلى اليأس وهو حرام

والرجاء إذا أفرط قد يعود إلى الأمن وهو حرام

الثالث: الصبر

وأجره بغير حساب بخلاف سائر الأعمال فإن أجورها بمقدار وهو أربعة أنواع

صبر على بلاء الله وهو المقصود بالذكر

وصبرعلى نعم الله أن لا يطغى بها

وصبر على طاعة الله

وصبر على معاصي الله

الرابع : الشكر

وهو بالقلب واللسان والجوارح

فشكر اللسان الثناء

وشكر القلب معرفة المنة وقدر النعمة

وشكر الجوارح بطاعة المنعم

الخامس : التوكّل

وهو الاعتماد على الله تعالى

في دفع المكاره والمخاوف

وتيسير المطالب والمنافع وخصوصا في شأن الرزق

وسببه ثلاثة أشياء

المعرفة بأن الأمور كلّها بيد الله

وأنّ الخلق كلّهم تحت قهره وفي قبضته

وأنّ الله  لا يضيع من توكّل عليه

 السادس: التّفويض إلى الله تعالى

وهو خروج العبد عن مراد نفسه إلى ما يختاره الله له

وسببه المعرفة بأن اختيار الله خير من اختيار العبد لنفسه

لأن الله تعالى يعلم عواقب الأمور والعبد لا يعلمها

السابع: حسن الظن بالله

فإن الله يقول : أنا عند ظن عبدي بي

وسببه المعرفة بفضل الله وكرمه وسعة رحمته

الثامن : التسليم لأمر الله تبارك وتعالى

بترك الاعتراض ظاهراً

وترك الكراهة باطنًا

التاسع: الرضا بالقضاء 

وهو سرور النفس بفعل الله زيادة على  التسليم

وسببهما ثلاثة أشياء

محبة الله تعالى فإن فعل المحبوب محبوب

ومعرفة حكمته في كل ما يفعل

وإن المالك يفعل في ملكه ما يشاء

العاشر: الإخلاص لله تعالى

ويسمى نيةً وقصدًا

وهو إرادة وجه الله تعالى بالأقوال والأفعال

وضدّه الرياء

وسببه المعرفة بأن الله لا يقبل إلا الخالص

وأنه يطلع على النيات والضمائر كما يطلع على الظواهر

الحادي عشر: المراقبة

وهي معرفة العبد باطلاع الله عليه على الدوام

فيثمر ذلك الحياء والهيبة والتقوى

الثاني عشر : المشاهدة

وهي دوام النظر بالقلب إلى الله تعالى

واستغراق في صفاته وأفعاله

وذلك مقام الإحسان

الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عليه السلام

الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه

ثمّ أشار إلى مقام الرقابة بقوله صلى الله عليه وسلم

فإن لم تكن تراه فإنه يراك

وبين المقامين فرق

الثالث عشر:  التفكّر

وهو ينبوع كل حال ومقام

فمن تفكّر في عظمة الله اكتسب التعظيم

ومن تفكر في قدرته استفاد التوكل

ومن تفكر في عذابه استفاد قصر الأمل

ومن تفكر في ذنوبه اشتدّ خوفه وصغرت عنده نفسه

الرابع عشر: معرفة الله تعالى

وهي نوعان خاصة وعامة

فالعامة حاصلة لكل مؤمن

والخاصة هي التي ينفرد بها الأنبياء والأولياء

وهو البحر الأعظم الذي لا ساحل له

ولا يعرف الله على الحقيقة إلا الله

ولذلك قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه

العجز عن درك الإدراك إدراك

الخامس عشر: التوحيد

وهو نوعان عام وخاص

فالعام هو عدم الإشراك الجلي وذلك حاصل لجميع المسلمين

والخاص عدم الإشراك الخفي وهو مقام العارفين

وكلاهما داخل تحت قولنا لا إله إلا الله

فسبب التوحيد الجلي البراهين القائمة عليه وقد تضمنها القرآن المبين

وسبب التوحيد الخفي معرفة قيومية الله تعالى على كل شيء

وإحاطة علمه وقدرته وقهره بكل شيء

وإن كل شيء إنما وجد بإجاده له وبقي بإمساكه له

فلا موجود في الحقيقة إلا هو

كل شيء هالك إلا وجهه

السادس عشر: اليقين

وهو صدق الإيمان حتى يطمئن به القلب

بحيث لا يتطرق إليه شك ولا احتمال

وسببه شيئان

أحدهما قوة الأدلة وكثرتها

والآخر نور من الله يضعه في قلب من يشاء

السابع عشر: محبّة الله تعالى

وهي نوعان عامة وخاصة

فالعامة لجميع المسلمين ولا يصحّ الإيمان إلاّ بها

وهو مقام أصحاب اليقين

والخاصّة مقام المقربين

وهي أعلى المقامات وأرفع الدّرجات ولا سيما المحب المحبوب

وسببها المعرفة بصفتين وهما الجمال والإجمال

فإن المحسن والإحسان محبوبان لا محالة

وتختلف أقوال المحبين

بالتلوين في القبض والبسط والشوق والأنس والصحو والسكر

وهذه أحوال ذوقية

قد علم كل أناس مشربهم

الثامن عشر :  التواضع

وهو ضد التكبر

وسببه شيئان

التحقق بمقام العبودية

ومعرفة الإنسان بعيوب نفسه

التاسع عشر:  الحياء

وهو نوعان

حياء من الله

وحياء من الناس

وهو مستحسن في كل حال

إلا في طلب العلم

العشرون: سلامة الصدر للمسلمين

وهو يثمر طيب النفس وسماحة الوجه وإرادة الخير لكل أحد

والشفقة والمودة وحسن الظن

ويذهب الشحناء والبغضاء والحقد والحسد

ولذلك ينال بهذه الخصلة ما ينال بالصيام والقيام

 

من كتاب القوانين الفقهية لابن جزي الأندلسي 1294-1340م

إعداد: محمد بن أحمد باغلي