هو خال سيدي محيي الدين بن العربي

من كتاب « التشوّف إلى رجال التّصوّف » للتّدلّي المعروف بابن الزيات (ت 617 هـ/م 1230) ص 123

أما « يُوغان »، فلعلها نسبة إلى أُوغان جمع أغي ومعناه : العجل

 

أبو زكرياء بن يُوغان الصنهاجي هو

تلميذ أبي محمد عبد السلام التونسي

وكان من أمراء صنهاجة

مات بتلمسان عام سبعة وثلاثين وخمسمائة 537هـ/م1142

وكان ابتداء أمره أنه جاء إلى عبد السّلام

وقال له: أريد أن أكون من تلاميذك

فقال له عبد السلام: إنّك لا تقدر على ذلك

فقال له أبو زكرياء: أقدر إن شاء الله

فقال له: إن كنت كما تقول

فاذهب إلى الجبل واحتطب حزمة وادخل رحبة القصر بحزمة الحطب على ظهرك

حتّى يذهب ما فيك من الكبر والنّخوة والزعامة

فذهب ابن يوغان إلى الجبل وجمع حزمة الحطب وجاء بها على ظهره إلى أن دخل بها رحبة القصر

فأبصره رؤساء صنهاجة

ففروا حياء منه أن يبصروه على تلك الحالة

فشق الرحبة والحزمة على ظهره إلى أن خرج بها من باب آخر

ثم دخل بها البلد إلى أن توسّطه

فأنزلها عن ظهره وباعها بدرهم

ثمّ مرّ إلى التونسي وأخبره بذلك

فقال له التونسي: أما الآن فأنا أستوهب منك الدّعاء

فكان إذا أتاه من يستوهب منه الدعاء

يقول له: اذهب إلى ابن يوغان واستوهب منه الدعاء

فإنّه مَلِكٌ زَهَدَ في الدنيا

وأما أنا فكنت فقيرا وبقيت فقيرا وما زدت شيئا

وكَانَ فُؤَادِي خَالِيًا مِنْ هَوَاكُمْ * وَكَانَ بِذِكْرِ الحَقِّ يَلْهُو وَيَمْزَحُ

فَلَمَّا دَعَا  قَلْبِي هَوَاكَ أَجَابَـــهُ * فَلَسْتُ أَرَاهُ عَنْ فِنَائِكَ يَبــــْرَحُ

رُمِيتُ بِبُعْدٍ مِنْكَ إِنْ كُنْتُ كَاذِبًا * وَإِنْ كُنْتُ فِي الدُّنْيَا بِغَيْرِكَ أَفْرَحُ

وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ فِي البِلاَدِ بِاَسْرِهَا * إِذَا غِبْتَ عَنْ عَيْنِي لِعَيْنِيَّ يَمْلَحُ

فَإِنْ شِئْتَ وَاصِلْنِي وَإِنْ شِئْتَ لاَ تَصِلْ * فَلَسْتُ أَرَى لِغَيْرِكَ يَصْلُحُ

– هذا الشعر  لأبي بكر سمنون الصوفي – راجع طبقات الصوفية 198

وَلَمَّا تاب ابن يوغان أقبل بهمّته على الله تعالى

وزهد في الدنيا وانتهى إلى أعلى مقامات الأولياء

حدثوا عنه أن أهل تلمسان قحطوا فاستسقوا به فسقوا

أخبرنا يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الله قال

حدثني عمر بن عبد الله قال

لمّا مات أبو محمد عبد السّلام التّونسي

انتقل ابن يوغان من تلمسان إلى الصّحراء

وكانت له ناقتان يرعاهما ويشرب من ألبانهما

فأقام بها عنا مدّة ثمّ قدم علينا فسلّمنا عليه وسألناه عن سبب قدومه

فقال لنا: رأيت في النوم شيخي عبد السلام

فقال لي: لا إله إلا الله يا يحيى هجرتننا فلا تزورنا

فعلمت أن الله أراد قبض روحي بهذه الأرض

فأقام عندنا ابن يوغان شهرين ومات رحمه الله

ودفناه بالعباد في روضة عبد السلام التونسي

(التي دفن فيها -أبو مدين شعيب -البستان122)

إعداد: محمد بن أحمد باغلي

 

من كتاب الفتوحات المكية 1987 ج 11 ص 351-354

وَكَان بَعْضُ أَخْوَالِي مِنْهُمْ (الحديث عن الزّهّاد)

كَانَ قَدْ مَلَكَ مَدِينَةَ تِلِمْسَان، يُقَالُ لَهُ يَحْيَى بن يُغَّان

وَكَانَ فِي زَمَانِهِ رَجُلٌ فَقِيهُ مُنْقَطِعٌ، مِنْ أَهْلِ تُونُسَ

يُقَالُ لَهُ « أَبُو عَبْدِ اللهِ التُّونُسِيّ

كَانَ بِمَوْضِع خَارِجَ تِلِمْسَانَ، يُقَالُ لَهُ العُبَّادُ

كَانَ قَدِ انْقَطَعَ بِمَسْجِدٍ يُعْبَدُ اللهُ فِيهِ

وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ بِهَا يُزَارُ

فَبَيْنَمَا هَذَا الصَّالِحُ يَمْشِي بِمَدِينَةِ تِلِمْسَانَ

 بَيْنَ المَدِينَتَيْن أَقَادِير وَالمَدِينَة الوُسْطَى

إِذْ لَقِيَهُ خَالَنَا مَلِكُ المَدِينَةِ فِي خَوَلِهِ وحَشَمِه

فَقِيلَ لَهُ:  هَذَا أَبُوعَبْدِ اللهِ التُّونُسِي عَابِدُ وَقْتِهِ

فَمَسَكَ لِجَامَ فَرَسِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الشَّيْخِ

فرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ

وَكَانَ عَلَى المَلِكِ ثِيَابٌ فَاخِرَةٌ

فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخ هَذِهِ الثِّيَّاب الَّتِي أَنَا لاَبِسُهَا، تَجُوزُ الصَّلاَةُ لِي فِيهَا ؟

فَضَحِكَ الشَّيْخُ ؛ فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مِمَّا تَضْحك؟

قَالَ: مِنْ سَخَفِ عَقْلِك وَجَهْلِكَ بِنَفْسِكَ وحَالِكَ

مَا لَكَ تَشْبِيهٌ عِنْدِي إِلاَّ بِالكَلْبِ

يَتَمَرَّغُ فِي دَمِ الجِيفَةِ وَأَكْلِهَا وَقَذَارَتِهَا

فَإِذَا جَاءَ يَبُولُ يَرْفَعُ رِجْلَهُ حَتَّى لاَ يُصِيبَهُ البَوْلُ

وَأَنْتَ وِعَاءٌ مُلِئَ حَرَامًا وَتَسْأَلُ عَنِ الثِّيَّابِ وَمَظالِمُ العِبَادِ فِي عُنُقِكَ؟

قَالَ الرَّاوِي (355)

فَبَكَى المَلِك وَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ

وَخَرَجَ عَنْ مُلْكِهِ مِنْ حِينِهِ

وَلَزِمَ خِدْمَةَ الشَّيْخِ

فَمَسَكَهُ الشَّيْخُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ جَاءَهُ بِحَبْلٍ فَقَالَ لَهُ

أَيُّهَا المَلِك قَدْ فَرَغَتْ أَيَّامُ الضِّيَّافَة

 قُمْ فَاحْتَطِبْ

فَكَانَ يَاتِي بِالحَطَبِ علَى رَأْسِهِ وَيَدْخُلُ بِهِ السُّوقَ

وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَبْكُونَ

فَيَبِيعُ وَيَأْخُذُ قُوتَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِالبَأقِي

وَلَمْ يَزَلْ فِي بَلَدِهِ ذَلِكَ حَتَّى دَرَج ْ

وَدُفِنَ خَارِجَ تُرْبَةِ الشَّيْخِ وَقَبْرُهُ اليَوْمَ بِهَا يُزَار

فَكَانَ الشَّيْخُ إِذَا جَاءَهُ النَّاسُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَدْعُو لَهُمْ يَقُولُ

اِلْتَمِسُوا الدُّعَاءَ مِنْ يَحْيَى بنِ يُغَّانِ

فَإِنَّهُ مَلَكَ فَزَهَدَ

وَلَوْ ابِتُلَيْتُ بِمَا ابْتُلِيَ بِهِ مِنَ المُلْكِ رُبّمَا لَمْ أَزْهَذ

إعداد:محمّد بن أحمد باغلي