تفسير الفاتحة للأمير عبد القادر
المواقف2 و 14 و59 و139 و 179 من المواقف الروحية في بعض إشارات القرءان إلى الأسرار والمعارف والإلقاءات السّبوحيّة في تفسير آيات سورة الفاتحة للشيخ الأمير سيدي عبد القادر بن محيي الدين الجزائري المَوْقِفُ الثَّانِي 2 قَالَ اللهُ –تَعَالَى-: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[1]} ظَاهِرُهُ يُعْطِي أَنَّ العَبْدَ قَادِرٌ عَلَى بَعْضِ الفِعْلِ، وَعَاجِزٌ عَنْ بَعْضِهِ، لِأَنَّ لِكُلِّ مِنَ المُتَعَاوِنَيْنِ نِسْبَةٌ فِي الفِعْلِ أَيْ الحَاصِلِ بِالمَصْدَرِ. فَاعْلَمْ أَنَّ مُخَاطَبَةَ الحَقِّ -تَعَالَى- لِعِبَادِهِ فِي كُتُبِهِ المُنُزَّلَةِ، وَعَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ -عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- إِنَّمَا جَاءَتْ عَلَى حَسَبِ مَبْلَغِ عِلْمِ عَامَّةِ العِبَادِ، وَمُنْتَهَى عُقُولِهِمْ وَمَا أَدَّتْ إِلَيْهِ بَدِيهَتِهِمْ. وَلَمَّا كَانَ عَامَّةُ العِبَادِ يَتَوَهُّمُونَ أَنَّ لَهُمْ وُجُودًا مُسْتَقِلاً مُبَايَنًا لِوُجُودِ الحَقِّ، حَادِثًا أَوْ قَدِيمًا، تَرَكَهُمْ الحَقُّ عَلَى وَهْمِهِمْ لِأَنَّ حَالَتَهُمْ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا لاَ تَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلِحُكْمٍ هُوَ يَعْلَمُهَا . وَخَاطَبَهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ وُجُودًا كَمَا زَعَمُوا، وَأَضَافَ لَهُمْ الأَفْعَالَ وَالتَّرُوكَ وَالقُدْرَةَ وَالمَشِيئَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ دَعْوَاهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ : افْعَلُوا وَاتْرُكُوا : { أَقِيمُوا الصَّلَواةَ [2]} ؛ {لاَ تَقْرِبُوا الزِّنَا [3]} ؛ {سَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ [4]} {وَلَنْ يَتِرَكُمُ, أَعْمَالُكُمُ,[5]} ؛ {مَن شَآءَ فَليُومِنْ وَّمَنْ شَآءَ فَلْيَكْفُرِ[6] } وَنَحْوَ ذَلِكَ . وَمِنَ المَعْلُومِ البَيِّنِ أَنَّ القُدْرَةَ عَلَى الفِعْلِ وَالتَّرْكِ وَالمَشِيئَةِ وَسَائِرِ الإِدْرَاكَاتِ، تَابِعَةٌ لِلْوُجُودِ. فَمَا لاَ وُجُودَ لَهُ، لاَ فِعْلَ وَلاَ تَرْكَ وَلاَ إِدْرَاكَ لَهُ. وَالاِنْسَانُ وَكُلُّ مُمْكِنِ لاَ وُجُودَ لَهُ مُسْتَقِلاً لاَ قَدِيمًا وَلاَ حَادِثًا بُرْهَانًا وَكَشْفًا. أَمَّا الكَشْفُ فَالعَارِفُونَ مُجْمَعُونَ عَلَى هَذَا . وَأَمَّاالبُرْهَانُ فَلِأَنَّهُ [لَوْ]كَانَ لِمُمْكِنٍ، أَيُّ...
Lire la suite
Commentaires récents