زاوية عين الحوت

 الأستاذ عبد الرّحيم بن منصور-تلمسان-

عين الحوت :

موقعها و أسطورته:

تبعد قرية عين الحوت عن تلمسان بحوالي سبع كيلومترات شمالا. وهي تقع في عقيق ناضر جميل، حََسَنُ المنظر و كثير الغرير. اشتهرت عين الحوت ببساتينها الخصبة ومفيآتها ومياهها الجارية العذبة. الطريق الذي يؤدي إليها رائع، يشقُّ مسلكا صخريا نبَّق فيه شجر الزيتون، و به ينعق وادي يسيل في عمقه غر؛ لا يخلو المكان من جمال ولا بهجة، وقد نضخت به المياه فاجتمعت في صهريج يكثر  فيه السمك؛ ولذلك سُمِّيت القرية عين الحوت                                                

أسطورة عين الحوت :

تروي إحدى الأسطورات أن سيدي عبد الله بن منصور[1]، صاحب الكرامات المشهورة اختار لزواجه مريم ابنة  محمد أبي عبد الله الشريف[2].فلم  يوافق العالم أن يصهر له إلا بشرط أن ابنته لا تقم أبدا بأشغال المنزل الشاقة، فلا تسقي الماء و لا تقم بالطحن؛وبعد قبول الوليّ، قامت خادمة بتلك الشؤون. فدخل سيدي عبد الله  ابن منصور بمريم، سليلة الشرفاء الحوتِيِّين المنحدرين من سليمان، ابن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى، بن الحسن السبط، بن سيدنا علي رضي الله عنه، زوج لالة فاطمة الزهراء بنت سيدنا ونبينا محمد صلي الله عليه و سلم.       

وذات يوم أمر سيدي عبد الله بماء لوَضوئه، فتوجهت الخادمة إلى النهر و تركت شغلها. فلم تر مريم إلا أن أخذت بعود الرَّحى و استمرت في الطحن مكان الخادمة، وهي ترنم بصوتها الحسن.

خلال ذلك حضر أبو عبد الله الشريف لزيارة بنته؛ فرآها مشغولة في عمل لا يليق بما عوهد عليه؛ فوجم ونظر إليها، وكأنَّ على وجهه شيءٌ من الغضب؛ وقبل أن ينطق بأي كلمة، ألقي عليه  صهره سيدي عبد الله بن منصور السلام و أمر زوجته أن تبوح له بما جري. و لما أطلع أبوها على الحقيقة اطمأن وسكن

إلا أن سيدي عبد الله بن منصور أخذ حربه و انزلق إلى خارج الدار؛ فأخذ يضرب بحربه على الأرض بقوة حتى انفجرت و نبعت عين هامرة سالت واديا.

انبهظت النسوة اللاتي كنَّ حاضرة بالمكان و تبركن بالولي الذي ألبس على طرف الحربة أجمل سمكة حمراء جعلها على يده اليسرى ثم نفخ عليها، فصارت طائرا  ملونا طار بجناحيه وانحط على النخلة التي في قبر سيدي سليمان العلوي.  ومنذ ذلك الحين سميت العين ذات السمك المبارك بعين الحوت، وكذلك سميت القرية التي سقيت بكرامة الولي.   فار الماءُ من نَبْعه وسالت ساقيةٌ، غرٌّ دقيقٌ لا ينعق ولا يعمق، ينحدر رُويداً حسب خطٍّ مستقيم متوازيا مع سفح الجبل. على شمالي النهر خصُبت الأراضي حيث صُرفت مياهُه إلى بساتين كثُر فيها العشب والزهور، وملئت خضراً و فواكه؛ كما بُنيت على مجراه دورٌ استخدم أصحابها ذلك الماء لشؤون منازلهم؛ و  لا يزال لهم من ذلك اعتقاد في بركة الولي سيدي عبد الله بن منصور؛ وعلى شرقي النهر شقت طريق، مسلكاً لا يفارق مجراه إلا قليلاً. و على جانب الطريق الأيسر كثرت الأحياء السكانية على أراضٍ جرز، بدءاً من المقبرة العامة حتى ضريح سيدي منصور،ومسجد ابنه سيدي عبد الله.                           

حياة القرية كلها في هذا الطريق إذ اجتمع فيه النشاط الاقتصادي و الاجتماعي، و العقائدي بالطبع؛ ولم يكن قبل زمان إلا معبراً لا تُري فيه نسوة و لا بُنَيَّات، إلا أحيانا، وفي أوقات معينة؛ فعندما يكون الرجال مشغولين في أعمالهم الزراعية عبر البساتين يُفسح لهن المجال للذهاب إلى الحمام؛وإذا أردن زيارة بعضهن اصطحبن بذراريهن.  

وعلى مرِّ الطريق كلُّ ما بُني عبر العصور من مساجد وأضرحة وحُويطات وسقَّايات (فوارات)؛ وما غرس من أشجار رمزية كالبطوم، وعمارات عمومية اجتماعية كالمدرسة الابتدائية والمستوصف.

وعلى آخره يفضي الطريق إلى حيِّ « دار العرسة » حيث خلوة سيدي محمد بن علي، بقرب الحمام العتيق ثم مسجده إزاء ضريح سيدي سليمان بن عبد الله الكامل. وعلى بعد كيلومترين شمالي غربي القرية توجد « تحمامت » عين معدنية تخرج من جرف الجبل في مضيق على نهر سَكَّاك.

ذات يوم من أيام الربيع الناضرة الزاهية، خرجت الأميرة شُميشة، بنت سلطان الجدار[3]، مع رفيقاتها، إلى ضواحي أجادير[4] لقطف الزهور والتمتع بمحاسن الطبيعة؛ فانفردت هنيهة وهامت عبر الأحواز حتى أشرفت على شعبة الحُرَّة[5]. و هناك رآها فارس ظريف تعجَّب من جمالها فأراد أن يستأنس بها؛ اقترب منها ومدح حسنها واستأذن لقطف الزهور بجانبها؛ فَزِعَتْ الأميرة وظنَّتْ منه سوءاً؛ فلاذت بالفرار، وجرت مسرعةً كي تبعُدَ منه و تتخلَّصَ من جرأته؛ وبعد مسيرة طويلة أذهلت الأميرة وارتعبت عندما أدركت أن الشابَّ أوشك على الالتحاق بها.

وحيث ما كانت لا ترغب إلا في النجاة من قبضته وجدت أمامها صهريجا؛ فألقت بنفسها فيه وانقلبت بإذن الله إلى سمكة؛ ومن أجل ذلك، واحتراما لعفاف تلك الحسناء يُمنع، إلى يومنا هذا صيدُ السمك الذي يرتعض ويسرح ويمرح في صهريج القرية التي سُمِّيت عين الحوت .

عين الحوت : مهبط الدعاة الزيدية[6]                                                     

يبقي بعد هذا الوصف الدقيق أن نتعرف على تاريخ عين الحوت. لم نعثر على اسمها و لم نجد لها أثاراً يذكر قبل مجيء سليمان، ـ سيدي سليمان ـ ابن عبد الله الكامل، أخو إدريس الأول ـ الأكبرـ، سليل الأدارسة؛

 لا نبتعد عن الحقيقة إذا فرضنا أن سليمان نزل بأجادير حين جاء من الحجاز، يدعو لإمامة أخيه، محمد النفس الزكية، كما سنراه في موضعه. ضرب سليمان خيمته بعين الحوت التي كانت بدون شك تُذَكّْرُه بإحدى الأمكنة التي كان الشيعة يتخذونها مركزا لدعايتهم السياسية السِّرِّية؛ وعلى الظاهر أعطي المكان الذي نزل به اسم « ينبوع »، قرب جبل « رضوى » الذي كان الشيعة الإثنا عشرية يعتقدون أنه مأوى المهدي المنتظر،محمد الحسن العسكري، حيث يأتيه فيه رزقه إلى يوم ظهوره؛  اتخذ سليمان من تلك الربوة خلوة للعبادة عند رجوعه إلى أجادير بعد كارثة « فخّ »[7]؛ ثم جعلها ابنه محمد ابن سليمان حاضرة لإمامته، مبتعداً عن أجادير، حيث ثبته إدريس الثاني ـ الأزهرـ، ابن أخته، وسبط سليمان أيضا، أميراً على ناحية تلمسان؛ واحتفظ بها أعقاب محمد هذا مقراً لسكناهم إلى أن أفل نجم ملك السليمانيين بتلمسان و المغرب الأوسط. يقول عبد الرحمان الجيلالي : » و بقي محمد هذا على ولايته مقيما بعين الحوت إلى وفاته لجبل وهران، فخلفه يومئذ أبناؤه وحفدته. »[8] و يذكر التاريخ سلالة محمد ابن سليمان بتلمسان، و منهم أحمد، ثم محمد، ثم القاسم على التوالي،[9]. و عندما يتطرق التنسي لنسب السلطان الزياني محمد المتوكل يصعد بأسلافه حتى القاسم هذا، آخر الأمراء السليمانيين.

ويضيف عبد الرحمان الجيلالي: » و استمرت هذه الولاية فيهم إلى أن سقطت بيد موسى بن العافية المكناسي، عامل الشيعة، سنة 319/913″[10]

وفي هذه الفترة العكرة تشتت العلويون أبناء سليمان بن عبد الله الكامل في ربوع المغرب الأوسط كما تشتت أبناء أعمامهم الأدارسة في بادية المغرب الأقصى؛ وخلال هذه الحقبة المضطربة في تاريخ المغرب الإسلامي الكبير أسست الزوايا وانتشرت[11] للاستمرار في عملها الجاد لنشر الإسلام بين البدو الذين كانوا بعيدين عن الحضارة المدنية؛ فكثيراً ما يرجعون إلى همجيتهم والإنصات إلى دعاة، مثل متنبيْ تلمسان الذي كان يجتمع » عليه من الأوغاد من يصحُّ فيهم قول القائل : انعق بما شئت تجد أنصاراً »[12] غير أن عمل أبناء الرسول صلي الله عليه وسلم في أرياف المغرب الأوسط كانت فعاليتها حاسمة، وأوسع من فعالية العلماء الدين اشتهرت بهم القيروان، وحسب الباحث جورج مارسي » فإن العلويين ساهموا في طرد الخوارج الذين أوشكوا على عزل المغرب عن البلاد الإسلامية، وأدوا بأنفسهم على إرجاف السنة بين البدو الذين اختلطوا بهم. »

نشأة زاوية عين الحوت:                                                               

 يقول أبوالقاسم سعد الله : » ومن بين الزوايا التي لعبت دوراً رئيسيا في نشر التعليم في غير العاصمة زاوية الفكون بقسنطينة، وزاوية مازونة ذات الشهرة الواسعة، وزاوية عين الحوت بتلمسان. »[13]  

ومن المرجح أن تاريخ نشأتها يعود إلى القرن الرابع الهجري/العاشر المسيحي عندما تشتت شمل العلويين من سليمانيين و أدارسة في بادية المغربين الأوسط و الأقصى حيث اضطهدهم و آذاهم رجال عبيد الله من أصحاب الشيعة الإسماعليين الفاطميين.و في هذه الحقبة المضطربة انتشر التصوف كما انتشرت الزوايا على إثره، ومن جملتها زاوية عين الحوت؛ و واصلت مهمتها في بث القِيم الإسلامية بين الأهالي من البربر، و تعلمهم اللغة العربية، مع حفظ القرآن  وتعليم الشريعة المحمدية. لم تترك لنا الأخبار أي اسم علم من هذه الفترة، إذ كان التعليم يجري على طريق الشفهية في المساجد؛ و رغم أن الكتابة كانت منتشرة من عهد قديم إلا أن التركيز على الذاكرة كان السبيل المختار لحفظ كتاب الله الذي كان يشكل الوسيلة الوحيدة في بداية التكوين اللغوي لأناس لم تكن لهم معرفة بلسان العرب، و يذهب ابن خلدون في هذا المجال إلى أن يكتب « فأما أهلُ المغرب فمذهبُهم في الولدان الاقتصارُ على تعليم القرآن فقط …لاًَ يخلطون ذلك بسِواهُ في شيء من مجالس تعليمهم…إلى أن يحذق فيه أو ينقطع دونَهُ. » ثم يستطرد قائلا: » فأفادهم [أي أهل المغربين] الاقتصارُُ على القرآن القصور عن ملكة اللسان جملة » ولا دليل على ذلك إلا المنزلة السامية الرفيعة لحُفَّاظ القرآن في مجتمع مغربنا الإسلامي إلى وقتنا هذا.

و لا شك أن الصوفية لعبوا في هذا المجال دوْراً رئيسيا حيث كانوا يعطون لرسم القرآن وتلاوته قيمة ثقافية عظيمة يعتبرونها منهج الوصول إلى الفهم المباشر و العام لما في القرآن من إعجاز في تليين القراءة والكلام.و قد وجد البرابرة في الصوفية الأسوة التي تلائم طبيعتهم .

و لا ندري في الحقيقة إذا كان ا سم عين الحوت متداولا بين السكان منذ نشأتها، أي منذ أ ن استقر بها سليمان ابن عبد الله الكامل وابنه محمد و أعقابه، إلا أن ابن مريم يذكر في ترجمة أبي عبد الله الشريف أن مسقط رأسه بقرية العلويين، وهي عين الحوت حسب الأستاذ محمد بن رمضان شاوش وذلك تكريما لما عرف الأهالي من قرابة سكانها برسول الله صلي الله عليه وسلم، فاقتدوا بهم لما رأوا فيهم من حسن الخلق وطيب الفعل والمعاملة منذ نزل سليمان و إدريس، ولربما كذلك أخوهما يحيى بين أحضانهم/فكانوا يحترمونهم و يشرفونهم ويبجلونهم،

وكانت القبائل المهيمنة تجعلهم تحت رعايتها، وكثيرا ما صهروا فيهم.[14]

و استمرت الزاوية على نشاطاتها إلى أمرة بني عبد الواد وبني زيان حيث أعيدت للقرية ولأهلها المكانة اللائقة السامية مع سيدي عبد الله بن منصور الذي جمع شرفه وشرقهم؛ فأصبحت الزاوية من جديد مهدا للعلم والزهد ومركزا للعبادة، وقطبا للعلماء[15].

اشتهرت زاوية عين الحوت، فأصبحت مركزا منيرا للعلم والعمل، ومزار للعلماء  و طالبي المعرفة. ولا نطن أنها هيكلت و أقيمت على ميال الزوايا العادية حيث لم نعرف لها مباني إلا المساجد، ولا ترتيبات، ولا تنظيم كذلك المكان الذي يجتمع فيه « الفقراء » مع المقدم و الشيخ لاتخاذ الحضرة. إلا أنهم كانوا كسائر البلاد على مذهب إمامنا مالك و عقيدة الأشعري و طريقة الشاذلية حيث أن الشاذلي يجمع بين التصوف الفلسفي والتصوف السني كما رسمه سيدي أبي مدين الغوث،وتبعه في ذلك تلميذاه ابن عربي الحاتمي وعبد السلام بن مشيش[16].

و » يمكن في المقابل اعتبار أبي الحسن الشاذلي أهم ممثل ـ في ميدان الأخلاق و التصوف ـ الدعوة         إلى الرجوع إلى الأخلاق الإسلامية، أي إلى القرآن والسنة…و هكذا صار الشيح الشاذلي يبين للناس ،و لعامتهم خاصة ـ إذ أن دعوته موجهة لهم قبل غيرهم ـ أنه يكاد يتعارض التصوف الحقيقي مع « خرق العوائد » ومع الزهد بالمعنى الصوفي القديم،إذ ليس التصوف كما يقول الشاذلي، بالرهبانية ولا بأكل الشعير والنخالة، وإنما هو الصبر على الأوامر و اليقين في الهداية، فجوهر التصوف ليس إذن في الرسوم و الأشكال، وإنما هو في النوايا و الأعمال؛ وخير العمل ما عم نفعه وسعي في وحدة المسلمين[17]

كل هذا نجده عند أولياء عين الحوت، وعند آخرهم المشهور محمد بن محمد بن علي بن العربي بن حمو بن عبد الله بن منصور المتوفي 1160/1761 الذي ترك لنا مؤلفا: » في كيفية                      [18] حيث لا يركز في كلامه إلا على القرآن و السنة ، معترضا للفلاسفة و المتكلمين، وغيرهم إلا أن أصحاب زاوية عين الحوت لم يُدينوا، لا سرا و لا علانية، الممارسات العادية المشاهدة ف،ي الزوايا، كما لخ ينهوا عنها أبدا، وإنما كان يوقرون ويحترمون، إن لم نقل يبجلون أهل الطريقة كلهم، كما كان هؤلاء من جهتهم يرقبون في زيارتهم في كل فرصة وفي كل موسم، إذ يعتبرون الجلوس لديهم1 من التبركات.

لقد انفردت زاوية عين الحوت فأصبحت مقرا للعلم و العبادة والزهد، فكان أصحابها يدرسون القرآن و علوم السنة ويعملون يهما؛ كانوا هكذا يجمعون بين العلم و العمل، فيسعوْن إلى معرفة الحق تعالي بالتأمل والنظر والتفكير في الخالق وما خلق؛ كانوا ثُقاة وَرَعة يتجردون عن أهواء النفس و حب الدنيا و إغواءها و يبتعدون عن مغريات السياسة و السلطة و لا يتعاونون مع الظلمة و المتجبرين، و لا يخافون لومة لائم ؛

 قال سيدي محمد البكري:

       ليس التصوفُ لبسَ الثوب ترقعه   ÷  و لا بُكاؤُكَ إن غنَّا المغنُّون

       و لا صياحٌ ولا رقصٌ ولا طربُ  ÷  و لا تغاشٍ كأن صِرتَ مجنون

       بل التصوفُ أن نصفوَا بلا كدرٍ  ÷  و تتَّبعَ الحقَّ و القرآنَ و الدّْينا 

       و أن تُرَا خاشعا للــه مكتئبا  ÷  على ذنوبك طول الدهر محزونا

كانوا مع ذلك يقرئون التلاميذ والطلبة الآتين من كل فج عميق؛ فانتصبت هذه الزاوية مركزا لترقية الإنسان في ظل الأخلاق المحمدية و تهذيب النفس غذ أن الدين من أقوى عوامل الحضارة كما هو معروف في فلسفة التاريخ؛ فالغاية الأساسية للحضارة كما أدركوه هو ترقية الفرد و تحسين الوضعية الاجتماعية؛ والحال أن الدين ـ وكل الأديان السماوية ـ يفرض الاعتقاد في نظام أخلاقي يؤدي حتما إلى هذين النتيجتين؛ فلا غوْر أن دوْرَ الزاوية منذ نشأتها في المجتمع الإسلامي كان و لا يزال دوْراً تعليميا و إرشاديا وبيداغوجيا، تربي الأطفال في صٍغرهم و تعلم التلاميذ في دراستهم وترشد الكهلة في سلوكهم.

و ذاع صيت زاوية عين الحوت، فأتيها الناس من كل حول وصوب حتى لقبت حسب ما قيل  » بالأزهر الصغير »، كليلا على كثافة علماءها وخبرتهم و حنكتهم في علوم المعقول والمنقول [19]

الأستاذ عبد الرّحيم بن منصور-تلمسان-


[1] راجع « البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان » لأبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الملقب بابن مريم الشريف المليتي المديوني التلمساني؛ مراجعة ابن أبي شنب ـ المطبعة الثعالبية ؛الجزائر 1326/1908ـ صص 135/139 تحت عنوان  » عبد الله بن منصور الحوتي »

[2]  نفس المرجع صص 164/184 تحت عنوان » أبو عبد الله محمد بن أ حمد بن علي  بن يحيى…ابن علي بن أبي طالب الشريف التلمساني

[3] « معجم البلدان « :ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي؛ تحقيق فريد عبد العزيز الجنديـ دار الكتاب العلمية؛ بيروت/لبنان 1410/199 تحت عنوان « تلميان » زقم2608

[4] نفس المرجع

[5] أرض صخبة قي نصف الطريق بين تلمسان وعين الحوت

[6] الزيدية فرقة من الشيعة أسست بعد قتل زيد بن علي زين العابدين؛ زاجع

[7]

[8] عبد الرحمان بن محمد الجيلالي: » تاريخ الجزائر العام » ؛ ديوان المطبوعات الجزائريةـ 1402/1982؛ ج 2؛ ص 184

[9] محمد بن عبد الله التنسي: » نظم المر والعقيان في بيان شرف بني زيان »؛ مقتبس من »دولة الأدارسة ملوك تلمسان وفاس وغرناطة » لإسماعيل العربي ـ دار الغـرب الإسلامي ـ بيروت1401/1981 ص 146

[10] نفس المرجع

[11] عبد المجيد الصغير: » إشكالية إصلاح الفكر الصوفي في القرنين 18 و 19؛ الآفاق الجديدة:منشورات دار ص

[12] عبد الرحمان الجيلالي: نفس المرجع؛ ج 2 ـ ص 185

[13] أبو القاسم سعد الله: » تاريخ الجزائر الثقافي  ص  264

[14] عبد الرحمان الجيلاليك نفس المرجع ص 184

[15] من المشهور أن السلالات المالكة في المغربين كانت تتودد للعلماء جملة، و للأشراف منهم خاصة للنيل من بركتهم

[16]   عبد الرحمان الصغيرك نفس المرجع ص 28

[17] نفس المرجع ص     34

[18] مخطوط تحت أيدينا لا يزال في إطار التحقيق

[19] عرفت تلمسان منذ الفتح الإسلامي بعدد مساجدها و مدارسها و زواياها، فعمرت بالعلماء، أصحاب العمائم الخضر، والأولياء الشهيرين ـ من سليمان بن عبد الله الكامل، ووهب بن منبه، و داودي بن نصرـ إلى الفقيدعبدالمجيد مزيان ـ وأصبحت مهدا ومنبعا للعلم و المعرفة؛ وفاض علمها على ضواحيها، فحفت بقرى ارتقت إلى درجة عالية في العلم حتى لقب بعضها بأشهر المراكز الثقافية على صعيد البلاد الإسلامية؛ وهكذا سميت عين الحوت ب »الأزهر الصغير » و ندرومة ب »القرويين الصغير » و بني سنوس ب »الزينونة الصغيرة »