الكتاب والخطوط

بغداد بوشعور

     الكتاب والخطوط :

       يُرجع الباحثون أن الكتابة نشأت وتطورت في العالم القديم، والعالم العربي من ذاك القديم، فعلى الأرض العربية القديمة وجدت الأبجدية،

أبجدية سيناء

وأبجدية جُبيل

وأبجدية رأس شمرا وهي أتمّها والتي تعتبر أم الأبجديّات،

وإذا ما تجاوزنا الكتابات القديمة

كالهيروغليفية

والمسمارية

فإن الخط الآرامي يعدّ جد ّ الخطوط العربية،

والذي تفرّع عنه الخط النبطي الأقرب ما يكون للخط العربي عند أول عهد إتصال حروفه العربية بعضها ببعض،

فإن عدداً من الخطوط الأخرى إستعملت في جزيرة العرب كـ :

ـ الخط المسند الصَفـْوي(نسبة إلى جبل الصفا في جبل الدروز السوري).

ـ الخط الثمودي نسبة إلى ثمود ( مدائن صالح) .

ـ الخط اللحياني نسبة إلى بني لحيان .

ـ الخط الحميري نسبة لبني حِمْيَرْ .

ـ الخط السبأي نسبة إلى سبأ .

ـ الخط الحيري  نسبة إلى الحيرة والأنبار ( وهو الخط الذي إنتقل إلى عرب الحجاز في الجاهلية وكان بغير نقط ) .

  وشجرة الخط كما يحددها -د. محمد الطاهر أحمد مكي- على الشكل التالي:

الهيروغليفي

الكنعاني

العربي القديم ـ المآبي ـ الآرامي ـ المُسند

الصفوي ـ الثمودي ـ اللحياني ـ الحميري

السرياني ـ النبطي ـ التدمري ـ العبري المربّع الحديث ـ الفهري ـ الزند

السطرنجي الكوفي       الحجازي النسخي

      يذكر القلقشندي : أن أول من وضع الخط والحروف الهجائية العربية ( ستة نفر من طسم ) من العرب البائدة كانوا نزولاً عند عدنان بن أود ، فكانت أسماؤهم  : (أبجد، هوّز، حطي، كلم، سعفص، قرشت ) وضعوا الخط على أسمائهم ، ولما وجدوا في الأسماء حروفاً ليست في أسمائهم ، ألحقوها بها وسموها بالروافد وهي ( ثخذ ، ضظغ ) والواقع أن هذه الروافد ليس لها نظائر في أبجدية اللغات التي تطوّرت عنها الكتابة العربية وأخذت عنها.

    وتروي الكتب أن ترتيب الأبجدية العربية الهجائي حدث في عهد الملك بن مروان على يد نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر وهو ترتيب مبني على تقارب أشكال الحروف،

بينما إعتمد مؤلفوا المعاجم الأوائل على ترتيب بالنسبة لمخارج الحروف من الحلق والفم، والتي كانت على هذا النحو : حروف المد ّ( الألف والواو والياء) ثم الهمزة فالعين والغين، فالخاء ثم التاء، فالكاف ثم الجيم ثم العين ثم الشاء ثم الياء ثم الضاد ثم اللام ثم النون ثم الطاء ثم الواو ثم التاء ثم السين ثم الزاي ثم الظاء ثم الذاءثم الثاء ثم الفاء ثم الباء ثم الميم 

     وقد تطور الخط العربي بعد الإسلام وصار إلى ما صار إليه من إتقان وزخرفة،

فبعد أن كان الخط الحيري الأنباري قسمين،

والخط المقوّر ويسمى النسخي،

والخط المبسوط ويسمى باليابس،

وقد كتب كتـّاب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم بالخط المقوّر النسخي، وبه كتب زيد بن ثابت صحف القرءان الكريم،

وكان تجويد هذا الخط يقسم إلى مكّي ومدني،

ثم ظهر الخط الكوفي، ومازال المسلمون يجددون الخط ويعنون به ويرقـّونه حتى أصبح له سبعة أنواع رئيسية هي ( الثلث، النسخ ، الرقعة، الديواني (أوالهمايوني)، الفارسي، الإجازة (أي التوقيع) ، والكوفي ) .  ويتفرع كلٌ منها إلى فروع متعددة .

     ونحن هنا لا يعنينا الخط ككتابة لها معنى بقدر ما يعنينا تجويد ورسم الحروف بأشكالها المختلفة، وهو فن ٌّ إسلامي ٌّ خالص، وجد به المسلمون منفذاً للتعبير عن رغبتهم في إبداع الجمال وتذوّقه، حين كان التعبير عن ذلك بالتصوير وتمثيل الكائنات الحيّة أمراً مكروهاً عند المتديّنين.

  بدأ تجويد الخط في الكوفة ثم في الشام، ولكن فن َّ الخط  إنما إزدهر في القرن الثاني الهجري، ولم يأت القرن الثالث حتى أصبح أشرف فن ٍّ يُرغب فيه، إذ كان من اغراضه أن يُخلّد كلام الله في الصحف، وقد جاء في القرءان الكريم تاييداً لتلك المكانة قوله  تعالى : « والقلم وما يسطرون »،

وفي أول آية أنزلت  » إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم « .

      ولهذا السبب إحتل الخطاطون مكانة أعلى بكثير مما كان للمصورين، حتى كان الأمراء والكبار في الدولة يسعون لنيل الحظوة الدينية بكتابة القرءان، وقد ظهرت مع تفنن الكتاب وضرورات الحاجة وتغيّر الزمن أنواع مختلفة من الخط ، بقي لنا منها :

الثلث

والكوفي بأنوعه

والنسخي (كأحرف الطباعة)

والرقعي (كخطط الكتابة)

والديواني بأنواعه (وقد كانت تكتب به المراسم السلطانية)

والفارسي أو التعليق،

ولكل نوع من هذه الأنواع قواعده وأسلوبه ونسبه وآدابه وقد بلغت الغاية في الدقة والإحكام .

     وتحفظ لنا كتب الأدب والتاريخ أسماء عدد من الخطاطين من أغدقت عنهم النعوت الطيّبة، بخلاف أصحاب هندسة البناء والمصوّرين وصنـّاع الأواني المعدنية الذين أسدل التاريخ على ذكرهم .

   ومن الخطاطين القدامى

قطبة المحرر، أواخر العهد الأموي،

وتلاه رجلان من أهل الشام تنسب إليهم هندسة الحروف العربية :

أحدهما الضحّاك الذي عاش حتى عهد السفّاح،

والثاني إسحاق بن حماد وقد أدرك خلافة المهدي،

وتففن الإثنان فيما إبتكر قطبة من أقلام، ويقال أن جدهما قد إنتهى بالأقلام العربية إلى أن صارت إثنتي عشر قلماً منوّعاً .

    ومن واضعي أسس فن الخط:

الأحول المحرر، من صنائع البرامكة الذي إبتكرر عدداً من الخطوط ،

والريحاني الذي زها في عصر المأمون وتوفي سنة 834م بعد أن إبتكر أسلوب الخط المعروف بإسمه .

    والشائع أن جودة الخط قد إنتهت على رأس المائة الثالثة إلى الوزير أبي علي محمد بن مقلة، الوزير العباسي المشهور الذي ضبط هندسة الخطوط ونسبها ،

وإبتكر أخوه عبد الله الخط النسخي ، وقد أمر الخليفة بقطع يد إبن مقلة عقاباً له ذات يوم، فلم يمنعه من تجويد فن الخط بيسراه، بل كان يشد القلم على ساعده الأيمن ويكتب به أيضاً.

   ومن الخطاطين في العراق

أبو الحسن علي بن البواب، المتوفي سنة 1022 أو 1032م، نسبة إلى أبيه الذي كان يلازم باب الخليفة في بغداد، وهو واضع أسلوب الخط المعروف بالمحقق،

وآخر من برع من أصحاب القلم لدى العباسيين ياقوت المستعصي خطاط آخر خلفاء بني العباس، وإليه ينسب الخط الياقوتي، وقد وصلنا عدة آثار منه .

   وقد ظهرت عناية الشام بالخط منذ أواخر القرن الخامس الهجري، فظهرت فيها أشكال جديدة من الخطوط أهمها

خط النسخ وهو إبتكار سوري،

وخط الطومار ومشتقاته،

وهجرت خطوط الكوفة في كتابة المصاحف وحلت محلها اللينة كالخط النسخي الأتابكي الذي ساد في العصر الأيوبي والمملوكي، إلى أن جاء القرن التاسع عشر بظهور تقدّم الصناعة ، فأنشأت أول مطبعة عربية في مصر بحي بولاق .

 لم نشأ في هذه المقدّمة المطوّلة سرد تاريخ أنواع الخطوط العربية ، إلا ّ أن مقصودنا ومبغانا الذي نسمو إليه وهو أن  » المرمم » للمخطوطات لا بد له من إجادة المعرفة بهذه الخطوط ، والتي خط بها أنواع المخطوطات والمؤلفات العربية على مدى تاريخ التأليف العلمي والأدبي والفنّي في أنحاء البلاد العربية والإسلامية، حتى يتمكن بكل جدارة أن يرمم المخطوطات التي أكل الدهر عليها وشرب ، وأصبحت رمماً في حالها ، وتآكلت عديد من أطراف صفحاتها وكلماتها ، ولأجل ذلك تعرّضنا لأنواع الخطوط .

     إضافة إلى ذلك ، على المرمم أن يكون على دراية جد عميقة في إستخدام وسائل وأدوات ومواد الترميم من أوراق و أصماغ وأحبار وألوان حتى يتمكن من إعادة المخطوط المتآكل إلى حالته الأولى قدر الإمكان دون أن يشوّه المخطوط بترميماته ، وقد أوجد اليوم عديد من الوسائل والمواد والأدوات والألوان التي تساعد في عملية الترميم ، كما إستحدثت العمليات الإلكترونية التي تدرّس اليوم أساليب إستخدامها في مدارس خاصة لذلك .

 بغداد بوشعور