صالحات تلمسان في العصر الوسيط ؛
قراءة في إشكالية الحضور .
الأستاذة سهام دحماني
جامعة قسنطينة 2
يُعرَف حتى الآن ثلاث مصادر موضوعها الرئيس هو مناقب النساء الصالحات، وهي
كتاب « مناقب عائشة المنوبية« (ت665هـ/1267م) ألفه شخص مجهول، جمع أخباره من رجال مقربين منها، سواء كانوا من أهل منوبة مسقط رأسها أو من ربض السعود حيث تسكن حين انتقلت الى مدينة تونس[1].
وكتاب « مناقب الولية مريم السملالية« سليلة الولي المشهور أحمد أو موسى بسوس، يقع النص في أزيد من 200 صفحة ما يزال مخطوطا، ذكره الأستاذ رحال بوبريك في كتابه بركة النساء – الدين بصيغة المؤنث. لم يذكر تاريخ كتابته[2] .
والكتاب الثالث بعنوان « سير السالكات المؤمنات« ، كتبه أبو بكر الحسيني(ت 1426م) في دمشق[3] .
فهذه الكتب تبين أن التأليف في مناقب الصالحات أمر معروف ومألوف. لكن فيما يتعلق بمناقب صالحات المغرب الأوسط في العصر الوسيط فلم أجد نصا يخصهن بالترجمة.
ثم حين تبحث في كتب مناقب الرجال فإنك تجد أخبارا تدل على وجودهن، وتذكر أسماءهن، وتنقل على لسانهن أخبار الولي المخصوص بالترجمة، ولا يُلتفت الى تعريفنا بتلك السيدة الصالحة إلا بما يخدم الموضوع الأساسي. والحقيقة أن التأليف في تاريخ الحركة الصوفية النسائية بالمغرب يحيلنا الى طرح اشكالية[4] التعتيم والاقصاء لأخبار الوليات الصالحات مقارنة بأخبار الرجال؟
نعرف بوجود وليات شهيرات مثل لالة ستي ولية تلمسان المشهورة، لالّة مغنية التي سميت على اسمها مدينة مغنية، وغيرهن ممن ذكرن في ثنايا تراجم الرجال، لكن لا يتوفر لدينا كتاب خاص يعرف بمناقبهن.
وكتب المناقب الرئيسة في تاريخ الحركة الصوفية بالمغرب الأوسط كالمناقب المرزوقية، والمواهب القدوسية، والبستان لابن مريم، نجد فيها ذكر لأسماء نساء صالحات حين نقل المؤلفون على لسانهن أخبار المترجم لهم. لكن لا نجد عناية كافية بأخبارهن وأحوالهن الصوفية .
ومن المصادر المهمة في كتابة تاريخ الحركة الصوفية النسوية المغربية
كتاب التشوف لابن الزيات (ت627هـ/1230م) ،
وأنس الفقير وعز الحقير لابن قنفذ (ت810هـ/1408م).
لكن على الرغم من أهمية هذين الكتابين في التعريف بالمرأة المتصوفة المغربية – حسب ما توفر لي من مصادر– فإننا نلاحظ صورة الأسى والقسوة تغلف أخبارهن.
فمثلا كتاب التشوف ترجم لـ 277 عَلَم منهم7 نساء فقط،
وهذا العدد القليل من المترجم لهن لا يكمن في نقص عدد المتصوفات بقدر ما هو راجع إلى الإقصاء،
فالمؤلف قال في ترجمة منية بنت ميمون الدكالي :
« وحدثني أبو عبد الله محمد بن خالص الأنصاري قال:
أخبرني بعض من تحدث معها من المريدين أنها قالت
حضر هذا العام بهذا الرباط ألف امرأة من الأولياء … « [5].
وقال:
« كنت توجهت من مراكش إلى رباط شاكر…فاتبعنا جمع كثير من الرجال و النساء… »[6].
أيضا قال:
« …في المصامدة سبعة و عشرون وليا يخترقون الهواء و فيهم أربعة عشرة امرأة… »[7]
فهذه الأرقام تدل على اتساع ظاهرة تصوف النساء، لكن التعريف بها يشوبه نوع من التعتيم . فمثلا
كتاب دعامة اليقين للعزفي أخبر عن زوجات أبي يعزى، واحدة منهن كانت من الصالحات وذات شأن كبير[8]، لكن ابن الزيات لم يذكرها عندما ترجم لهذا الأخير.
وذكر ابن الزيات أربعة عشرة امرأة من اللواتي يخترقن الهواء من المصامدة، وذكر أسماء ثلاثة منهن،
وترجم لواحدة فقط هي (أم محمد السلامة)[9].
وفي أثناء زيارته لرباط شاكر وجد نساء كثرا، لكنه لم يعرف إلا باثنتين هما:
منية بنت ميمون الدكالي[10]،
و المرأة المجهولة[11] .
فعلى الرغم من أن كتاب التشوف هو أهم كتاب- بين أيدينا – ضم بين دفتيه تراجم خالصة لنساء متصوفات إلا أننا مع ذلك لاحظنا ظاهرة الإقصاء، خاصة إذا علمنا أنه قد تصدى لذكر أخبار عباد الله وإمائه الصالحين[12]، ولم يكن مع ذلك نصيب إماء الله الصالحات إلا ما رأينا. هذا الأمر يدفعنا إلى التساؤل عن أسباب هذا الإقصاء[13].
هناك أسباب مشتركة مع مؤلفين آخرين وسبب خاص يتصل بابن الزيات الذي تصدى لإظهار ظاهرة الصلاح[14] لدى »…طائفة عظيمة بأقصى المغرب أهملت أخبارهم وجهلت آثارهم، حتى ظن من لا علم له بهم أنه لم يكن منهم بأقصى المغرب أحد وأنه استبعد أن يكون به ولي أووتد…ولما خفي عن كثير، علم من كان بحضرة مراكش من الصالحين ومن قدمها من أكابر الفضلاء، رأيت أن أفرغ لذلك وقتا أجمع فيه طائفة أدون أخبارهم وأضيف إلى ذلك من كان من أعمالها وما اتصل بها من أهل هذه العدوة الدنيا… »[15] .
هذا هو المشروع المعلن ، لكن المشروع المضمر هو إنصاف العناصر المهمشة ليصبح الهامش مركزا داخل كتاب التشوف الذي يدور في العمق ومن عدة زوايا حول ما يمكن أن يسمى ولو مؤقتا « قضية المصامدة »، الذين هم : »…أهل نيات وجد وصدق… »[16].
وأن فيهم « …سبعة و عشرون وليا يخترقون الهواء منهم أربعة عشرة
امرأة… »[17].
وكأنه يبرئ ساحة المرجع من شوائب البدعة الحاكمة المرتكزة على نظرية الميز الفاشي المهدوي الموحدي5 .
والمتبني لإيديولوجية » إنصاف العناصر المهمشة » لا يمكنه بحال أن يهمش هو الآخر عنصرا مهمشا داخل قضية مهمشة، هن متصوفات مصمودة، فهو يلح على ذكرهن، ليثبت أن المصامدة رجالا ونساء أهل نيات وجد وصدق، وأن المرأة المغربية أمام ما تعانيه من ضغوطات (المجاعة، الأسر، الميوعة) تتمسك أكثر بدينها وتعضض عليه بالنواجذ وتبلغ فيه مقام الأولياء الذين يخترقون الهواء. والحقيقة أن هذا الكتاب مهم لأنه ذكر لنا ترجمة امرأة صالحة من تلمسان، لكن هذه الترجمة جاءت في معرض حديثه عن الولي عبد السلام التونسي. ومع ذلك تبقى هذه الترجمة مهمة للغاية في التعريف بأحد صالحات تلمسان. سنقف عند هذه الترجمة، ونلحظ فيها ما ألمحنا اليه سابقا .
أمينة بنت يغروسن :هي ولية صالحة من أهل تلمسان، ذكرها ابن الزيات في التشوف عرضا حين نقل خبرا يخص الولي الصالح عبد السلام التونسي، وهو من أولياء تونس، ورد على تلمسان، وتوفي بها، وهو مدفون برابطة التونسي، عاش في العصر المرابطي. كان هذا الولي الصالح سببا في توبة أمينة بنت يغروسن ودخولها التصوف، تروي عن نفسها أنها كانت في جمع من الناس الذين توافدوا على هذا الولي كي يدعو لهم، وكانت آخر من بقي من ذلك الجمع فأصابتها رعدة من هيبته،
فقال لها: ماذا تريدين ؟
قالت :أن تدعو لي .
فدعى لها.
تقول : فانصرفت الى منزلي وتجردت من أثوابي وتطهرت وأقبلت على طاعة الله عزوجل. وكانت تلبس خمار صوف وجبة صوف وتقيم النهار من أوله الى آخره بجامع تلمسان الى أن لحقت بالله عزوجل ،وقد أنافت على مائة سنة[18].
تجردت مما يربطها بالحياة الدنيا وملذاتها، لتنتقل الى عالم تنشد فيه ما يقربها من الله تعالى عن طريق التطهر من أدران الحياة السابقة، فلبست الخشن واعتكفت طيلة النهار بمسجد تلمسان الكبير الى أن وافاها أجلها.
إن هذه العابدة سلكت طريق التصوف الفردي المبني على المجاهدة والانفراد بنفسها .
أما كتاب أنس الفقير وعز الحقير لابن قنفذ (ت810هـ/1408م) فهو وإن أورد معلومات مهمة عن أربع نساء صوفيات هن:
الحرة الصالحة فاطمة[19] ،
وعزيزة السكسوية[20] ،
والحرة الصالحة فاطمة الأندلسية[21]،
ومؤمنة التلمسانية[22].
إلا أن المعلومات الواردة عنهن لا تجيب عن كثير من الأسئلة تطرحها ظاهرة التصوف النسوي كسندهن الصوفي، وقراءاتهن الصوفية …إلخ. وهناك تعتيم حول نسوة أخريات ذكرهن في سياق ترجمة جده لأمه هما:
أمه وأخته التي درست الرسالة على شيخ من المقربين لوالدها داخل الزاوية. وعليه تم بتر الأخبار التي كانت ممكن أن تساعدنا في توضيح جوانب من حياة المرأة في المغرب الأوسط داخل الزاوية.
وبالرغم من كل ما تقدم، يبقى هذا المصدر الى جانب كتاب التشوف المصدر المهم الذي حفظ لنا ترجمة امرأة صالحة تلمسانية مقيمة بفاس وهي مؤمنة التلمسانية .
مؤمنة التلمسانية :امرأة صالحة من أهل تلمسان، غير أنها كانت تقيم بفاس حين لقيها ابن قنفذ(ت 810هـ) وعرفنا بها، قال عنها[23]:
* ورأيت منهم بفاس المرأة الصالحة مؤمنة التلمسانية. وتبركت بها ومازالت على ما تقرر عندي، تخصني بالدعاء في ظهر الغيب …
وكانت على زهد وتقشف وعبادة وورع. وكان قوتها في العام من غزل يديها …*[24] ؛
بحيث كانت لا تقبل من أحد شيئا، أرسل اليها مرة كعكا، ثم ذهب يزورها، وكل مرة كان يزورها كانت تقدم له كعكا حتى جاءت على آخر حبة وقالت له :هذه آخر كعيكاتك ،
ففهم عنها أنها لا تقبل من أحد شيئا تعففا وورعا.
بل تحرص على التزام دقائق الورع في هذا يحكي عنها ابن قنفذ فيقول: وسألتها مرة عما تكلف به.
فقالت: حسكة أخلل بها أسناني.
فانصرفت ووجدت في طريقي حملا من الحسك بازاء كوشة.
ففرحت بتيسيره وأخذت منه نحو الثلاث ورجعت اليها فقالت لي :
من أين هذا ؟
فأعلمتها
فقالت لي:
وهلا استأذنت صاحبها ؟ ردها اليه ؟
فرجعت الى صاحب الحسك وطلبته في أن يسمح فسمح وقال لي:
لا حظ لهذا.
فرجعت اليها وأعلمتها
فقالت لي: ما كان فيه هذا لا حاجة لي به ،سر في حفظ الله تعالى.
فانصرفت وعلمت أن قصدها أن تطلعني على آداب دقيقة وتنبهني على ما أنتفع به .
كانت تنقطع عن مخالطة الناس في رجب وشعبان ورمضان ولا تساكن أحدا ولا يراها في زمن انقطاعها أحد من الناس ولا تكلمه. واذا احتاجت الى شيء كالزيت تضع البطة عند الباب والدرهم بإزائها فيبادر اليها به. وعلى الرغم من تقدمها في السن كانت حريصة على تعلم القرآن الكريم، حيث كان الشيخ الصالح أبو الحسن علي بن عبد الوهاب المعلم لكتاب الله تعالى هو الذي يكتب لها لوحها ويبادر به. أما لباسها فكان جبة صوف وعلى رأسها طرف من تليس معقود تحت ذقنها وشيب رأسها ظاهر على جبهتها، وكان ذلك لباس الصوفية في الغالب وشعارهم الذي اتخذوه ليدل على تطليقهم الدنيا ومفاتنها ورغبتهم في النزوع نحو الألوهي .
كان لهذه السيدة مواقف حازمة لا تحيد عنها منها أنه أراد سيد الشرفاء وجليس الأمراء الفقيه العالم العلم الصدر الشيخ الشهير أبو القاسم الشريف التلمساني زيارتها فأبت وقالت:
يعظم علي أن يقصدني شريف. وأيضا هو ممن يوالي أهل الدنيا .
كان الخوف والبكاء وسيلتها للترقي في مراتب الأوليائية، فكان لسان حالها يقول وهي تخاطب ابن قنفذ:
كيف يكون حالي يا ولدي بين يدي ربي ؟وأخذت في البكاء[25] .
أما عن موتها فكانت دائمة التفكير فيه، وتتمنى أن تموت بتلمسان وتدفن بالعباد، ولما قربت منيتها يسر الله لها السفر الى تلمسان.
فسافرت وتوفيت بها بعد وصولها اليها بأيام رحمها الله ونفع بها .
اذن هذه الصالحة سلكت طريق المجاهدة والانقطاع عن الناس في أشهر مخصوصة وكانت تلبس الخشن من الصوف، وتحرص على الصلاة وحفظ القرآن الكريم، كما كانت تحرص على الورع والاعراض عن أهل الدنيا، وإن كانوا من الأشراف. ومن لهم فيها اعتقاد كانوا يتبركون بها، خاصة ابن قنفذ، والقاضي أبو عبد الله المقري كان يزورها ويسعى في قضاء حوائجها[26].
أما كتاب المناقب المرزوقية لابن مرزوق الخطيب فقد نقل أخباره عن عدد من النساء الصالحات، فعرفنا بأسمائهن ولم يلتفت الى التعريف بهن وبتجربتهن الصوفية، والأمر نفسه مع الملالي في كتابه المواهب القدوسية، وكتاب البستان لابن مريم كما سنتابع في التراجم المأخوذة من هذه المصادر.
عائشة بنت الفقيه العالم القاضي أحمد بن الحسن المديوني: كانت من الصالحات، ذكرها ولدها محمد بن مرزوق الحفيد (ت 842ه)، وقال أنه كان لها قوة في تفسير الرؤيا من كثرة مطالعتها لكتب الفن. وأنها ألفت مجموعا في أدعية اختارتها. وهي ابنة الفقيه العالم القاضي أحمد بن الحسن المديوني. نقل عنها ولدها خبرا يتعلق بميلاده واسمه وأنه كان يسمى أبا الفضل، وكان كثير المرض، وأشرف على الهلاك، ثم سماه جده لأمه بمحمد. ترى أن هذه الصالحة عرف بها ابنها ونقل عنه الخبر ابن مريم في كتابه البستان. ولم يضف معلومة أخرى تتعلق بهذه الصالحة [27].
خاصة وأنها من بيت علم وصلاح ،وأنها ممن يؤلف، وهذه فريدة من الفرائد، فنادرا ما نجد ذكرا لكتاب ألفته امرأة. اذن يعسر علينا استكمال صورة حياة هذه المرأة الصالحة في ظل ما توفر لنا حاليا من مصادر عنها، ولعل الزمان يسمح بالعثور على ما يجلي خبرها ويقرب سيرتها وأحوالها ضمن مناقب النساء الصالحات العالمات .
مريدات العباد : أخبرنا ابن مرزوق الخطيب (ت 781ه) في كتابيه
المسند الصحيح الحسن
والمناقب المرزوقية
عن وجود مريدات بربض العباد، حيث مدفن الولي أبي مدين شعيب، وكن نساء صالحات أسكنهن أول الأمر الولي أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي بكر بن مرزوق الولي العارف (ت 681ه) في دويرة ملاصقة لداره، كان يدخل كل ليلة عليهن، فيسألهن عن حالهن، ويقوم بمؤنتهن، ويتحدث معهن، ثم يعود لبيته[28]. وكان السلطان المريني أبو الحسن[29] يعتني بالعابدات المقيمات حول ضريح أبي مدين شعيب بالعباد[30] .
لا تتوفر لدينا معلومات كافية عن العابدات المقيمات بالعباد، ماعدا هذين الخبرين من مصدر واحد وهو ابن مرزوق الخطيب في كتابيه المذكورين، وجاء الحديث عنهن في سياق ذكر فضائل جده الولي الصالح في الخبر الأول، وذكر فضائل السلطان أبي الحسن المريني في الخبر الثاني .
لذا تنقصنا كثير من المعلومات عنهن وظروف اقامتهن ووظائفهن وغيرها من أحوالهن .
ستم بنت الشيخ أبي علي حسين بن الجلاب :امرأة صالحة ،نقل عنها ابن مرزوق الخطيب (ت 781ه) خبرا يتعلق بحكاية والدها مع الولي ابن مرزوق جده ،حيث ذكرت أن والدها اشتكى للولي ابن مرزوق سوء حال تجارته ،بعد أن كانت في أحسن حال أيام والده ،وكان هذا الأخير يتجر بجلب الغنم من جهة قوم صالحين ويبيعها فيشتري منه أهل الورع ،فأشار عليه بلزوم مهنة والده ،فطرحت له البركة مذئذ .ذكر ابن مرزوق أنه سيتحدث عنها في الأوراق اللاحقة ،لكن للأسف لم يتكلم عنها ،وأغفل ذكرها[31] ،لا ندري ما السبب ،لكن ما نحن متأكدين منه أنه قد فات مناقب الصالحات ترجمة مهمة لهذه الولية ،كانت من الممكن أن تضيء لنا أحوال بعض صالحات تلمسان .لعل الله ييسر ذلك في مصادر أخرى دفينة .
فاطمة بنت أبي زيد بن النجار :امرأة صالحة ،زوجة الولي أبي عبد الله محمد بن مرزوق الجد(ت 681ه/1282م) ،أقامت معه ثماني سنوات ،ثم توفي ،وكان نهاها أن تتزوج بعده ،وبعد وفاته أراد أخوها أن يزوجها من القاضي أبي زكريا يحيى بن عصفور ،فغضب عليها السلطان وأمها منى ،ثم ندمت فاطمة على فعلتها ، ولم يفارقها الدمع حتى ماتت .تحاكي زوجة الولي الصالح زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وهن أمهات المؤمنين في عدم الزواج بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ،لأن فيه أذية للرسول الكريم ،وكذلك تزوج زوجة الولي برجل من أهل الدنيا فيه أذية له ،لهذا ترى السلطان وأمها مني ،وكانوا يعتقدون في ولاية ابن مرزوق ،رفضوا زواجها ذاك[32] .
منى بنت ابن حسين :أو مني ،كانت من الصالحات ،ولها اعتقاد في الولي ابن مرزوق الجد ،كانت تقيم عنده مع ابنتها فاطمة زوجه السالفة الذكر ،وكانت حريصة على خدمته والتماس بركته [33] .
فاطمة بنت الشيخ العالم أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز :امرأة صالحة مباركة من بيت بني عبد العزيز ،وهو بيت شهير في تلمسان علما وعدالة وقضاء وثقة وأمانة ،نقل عنها ابن مرزوق الخطيب خبرا يتعلق بوالدها الولي الصالح أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بأنه كان لا ينام الليل ،وكان يخبرهم بالكوائن والوقائع[34] .
عائشة أخت الولي محمد بن يوسف السنوسي ،كانت مقربة جدا من والدها أبي يعقوب يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي والد الولي محمد بن يوسف السنوسي ،قال عنها الملالي كانت امرأة صالحة ،توفيت قبل والدها ،وكان هذا الأخير يزور قبرها ويحادثها ،وكان يتصورها طائرا يطير بين الأغصان ،تخبره بمغيبات منها قرب أجله ، وحثه على العبادة ،والتوجه الى الله بالضراعة .الحجاب عن الغرباء كرسته الرواية التي حكاها الملالي حتى بعد وفاتها حيث قال : وأتى يوما الى قبرها ،يقصد والدها ، ومعه رجل فخرجت على عادتها من القبر فرآها أبوها ونظرت هي اليه، فرأت معه الرجل ، فأدارت وجهها الى جهة البحر لظنها أن الرجل رآها[35] .
عائشة زوجة الولي محمد بن يوسف السنوسي :سيدة فاضلة خيرة، نقل عنها الملالي أخبارا تخص زوجها منها قراءته علم التوحيد على يد السيد أبي القاسم الكنابشي، حيث كان يدرسه بمنزلهم مدة شهر كامل[36] .
ابنة الولي محمد بن يوسف السنوسي : نقل الملالي عن بنت شيخه خبرا يتعلق بوفاته ،يحاكي بذلك صورة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكانت بنته رضي الله عنها تقول له حينما كان يحتضر :تمشي وتتركني ؟فقال لها الجنة تجمعنا عن قريب إن شاء الله تعالى .ونقل عنها خبرا ينبؤ بحسن خاتمة الشيخ مفاده أنها شمت رائحة المسك في البيت بنفس موت أبيها ،وشمته أيضا في جسده والله تعالى أعلم .الوسيط بين الملالي وبنت الشيخ كانت والدته .فبنت الشيخ مكانتها من مكانة والدها فقد حلاها بقوله رضي الله عنها[37]. لم يسمح القدر الذي أخبرنا به الملالي من التقرب أكثر من أخبار هذه المرأة الصالحة ،سوى علاقتها بوالدها .وهذه الصورة نمطية نجدها مع أغلب الصوفية المتزوجين .
سعيدة المملوكة :كانت من الصالحات ، كثيرا ما ترى النبي صلى الله عليه وسلم في منامها ،وتخبر بما ترى .وهي مملوكة أخ السنوسي علي التالوتي[38].هذه الصورة هي الأخرى نمطية تتكرر في كتب مناقب الصوفية ،حول هذا الأمر أنظر عملنا بعنوان المرأة والتصوف بالمغرب الاسلامي من القرن السادس الى القرن التاسع الهجريين .
المرابطة خديجة بنت عبد السلام : السيدة الجليلة الفاضلة المرابطة خديجة بنت عبد السلام .نقل عنها الملالي خبرا عن شيخه السنوسي مفاده أنه بعد موته كان يجالس أولياء تلمسان كابي مدين شعيب ،وابي عبد الله بن مرزوق وجماعة من الصالحين حضروا جنازة رجل صالح .وهو ما يقوم دليلا على علو مقام السنوسي وأن الأولياء يتزاورون ويحيون حياة برزخية تجمع الأولياء من مختلف القرون ،حتى المتباعدة .وقد نقل الخبر في شكل منام رأته تلك المرابطة ، حاصله أنها مشت الى قبر الشيخ ، فوجدته مفتوحا ونظرت في باطن القبر فلم تجده، فسألت عنه ،فقيل لها أنه في ضيافة الشيخ سيدي عبد الرحمن السنوسي رضي الله عنه فرفعه يريد ضيافته، قالت فمشيت الى قبر سيدي عبد الرحمن فوجدته مفتوحا ، قالت فدخلت في باطنه، فرأيت أرضا واسعة بيضاء ، ونظرت الى السماء فرأيت غرفا كثيرة في تلك الأرض ، ورأت محمد بن يوسف السنوسي وأبي مدين شعيب ومحمد بن مرزوق وجماعة من صالحي البلد حضورا جنازة رجل صالح[39] .
إنها محظوظة ومباركة لأن الرؤيا ظهرت بواسطتها. وهذا يكفي بالنسبة لها حسب منظور الراوي ،لذا لم يسترسل ويخبرنا أي معلومة تخص الحياة الصوفية للمرابطة خديجة ،بل كانت وسيلة لإظهار كرامة الولي محمد بن يوسف السنوسي فقط.
ترى معي أخي القارئ أن أخت وزوجة وابنة الولي محمد بن يوسف السنوسي كن من الصالحات ،لكن أخبارهن كانت شحيحة ،فلم يسمح بذكرهن إلا بقدر ما يؤدينه في اظهار كرامة الولي المترجم له بالأساس .الأمر نفسه يقال عن سعيدة المملوكة والمرابطة خديجة . وهذا يفسر ما قلناه سالفا عن حجم حضور أخبار الصالحات في مدونة المناقب الصوفية .
حاولت الاجابة عن هذه الاشكالية في رسالة الماجستير التي كانت بعنوان المرأة والتصوف بالمغرب الاسلامي[40] ،وحصرت العوامل التي كانت وراء هذا الاقصاء ،وقد رأيتها تكمن في عدة عوامل .
عوامل تعتيم ظاهرة التصوف النسوي :في نظري الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة هي خمس أسباب :
1. دواعي التأليف .
2. منهج التأليف .
3. موقف الثقافة العالمة من أخبار الصالحات.
4. الحريم.
5.مركزية الرجل في التصوف .
1/ دواعي التأليف :
بدأ تدوين كتب المناقب الصوفية الأولى بالمغرب في الفترة التي انتهى فيها أمر المرابطين واستقرت الدولة الموحدية[41]، وقد اتسمت هذه الفترة بتحولات سياسية واجتماعية مهمة، ففيها تم تدوين الرواية الشفوية وتعريبها، وتسرب الخطاب الصوفي إلى دواليب الدولة والبيئة الثقافية المحافظة[42].
فمنذ النصف الثاني من القرن السادس الهجري/12م ساد شعور بأن رجال الفضل والصلاح قد ولى زمنهم فلا أقل من أن يتصدى مؤرخو المرحلة إلى تدوين أخبارهم قبل اندراسها نهائيا[43]. وقد سجلنا هذا الخوف في عدة مصادر نذكر منها ابن الزيات في التشوف قال: »…وبالجملة فقد قل الصالحون المخلصون في هذا الأوان … »[44]. وقال : « …وكانت منهم طائفة عظيمة بأقصى المغرب أهملت أخبارهم وجهلت آثارهم… »[45]. قال الماجري في هذا السياق : « … لما نظرت بعين البصيرة ، في معظم بلاد المغرب ، قد أفل منها طريق التصوف أفول المغرب وكانت به طائفة شيخنا أعظم الطوائف في المتابعة سنة وشرعا…ثم انقرض من هذه الطائفة سلفها وكثر فيمن بقوا من خلفها بالمخالفة تخلفها ، خشيت مع اندراس هذه الطريق أن ينسب شيخنا إلى غير التحقيق… »[46] .
وأمام هذا الخطر تتحفز أقلام المؤرخين لتدوين أخبار الصالحين. لكن هل دونت أخبار كل الصالحين رجالا ونساءً؟ تتسع وتضيق دائرة المترجم لهن حسب تنوع دواعي التأليف التي يمكن حصرها في :
أ / الانتصار لقضية ما : سواء مذهبية أو عرقية، مثلا ابن الزيات دون أخبار صلحاء مراكش وأحوازها لأن المغرب الأقصى رُمي بأنه يستبعد أن يكون فيه ولي أو وتد ، »…و هيهات هيهات ليس الأمر كذلك فاطلب تجد…ولما خفي عن كثير علم من كان بحضرة مراكش من الصالحين… رأيت أن… أجمع فيه طائفة أدون أخبارهم… »[47].فقوله طائفة يعني عينة أي انتقاء و مما انتقى ابن الزيات سبعة نساء صالحات فقط من أكثر من ألف ،أو لنقل أربعة عشرة امرأة من الأولياء الذين يخترقون الهواء .ولاحظنا سابقا أنه ينتصر في كتابه لقضية المصامدة المهمشين ولتيار التصوف السني، فانتقى من الأمثلة ما يخدم قضيته.
الماجري قال عن سبب جمع كتابه: »…أخذت في جمع فوائد ، ندبني العزم والحمية الحنفية إلى جمعها من كرامات شيخنا…لأصون بها ذكره…عن تأويل الجهالة من متعسفي أهل العصر… »[48].والمازوني جلب أخبار المشيخة المشتهرة بالصلاح في الأوطان الشلفية مسقط رأسه بعد أن عاين إعتراض الأعراب والسلاطين وعامة الناس على أولياء الله بتلك الأوطان[49] .
حاصل ما تقدم أنه عندما يراد الانتصار لقضية عرق أو مذهب، ينتصر لها بشقيها الرجال والنساء ،ولا يفسح المجال لأخبار النساء إلا بقدر ما يدافع به عن القضية.
ب/ الانتفاع المعنوي بذكر أخبار الصالحين :يرجوا المؤلف لأخبار الصالحين نفعا معنويا كالبركة والتأسي بأخبارهم ، فبذكر أولياء الله الصالحين تتنزل الرحمات[50]،
و »من ذكر مغفورا غفر له « [51]،ولا يقوم مطالع كتب الصالحين إلا بإحساس نفسي أنه ليس على شيء ويقوى إيمانه[52]. وفي هذا يقول ابن الزيات: »…المقصود إيراد عجائب أخبارهم لعل الله أن ينفع بها… »[53].ويقول ابن قنفذ : »…وأنا أشير إلى بعضهم قصد التبرك به و بهم وليس المراد التعريف بالرجال و إنما المراد ذكر بعض شواهد الأحوال… »[54] .
والنفع يرجى للمرأة والرجل ، فلا يكون بالتالي الخبر عن المرأة الصالحة إلا بقدر ما يؤدي الغرض المطلوب في نفس المرأة التي يجب أن ترى في المرأة الصالحة المرأة التقية المتدينة القريبة من الله والتي هي مثال صالح يحتذى ، لهذا لا نجد أخبارا عن أصلها وسبب تصوفها وشيخها، ويركزون خاصة على علمها ودورها في المجتمع ورتبتها في الصلاح ومجاهداتها.ورواية أخبار الصالحين عنها .
جـ/ تدوين أخبار الصالحين بطلب من سلطان أو محب لهم : قال ابن صعد الأنصاري في روضة النسرين في التعريف بالأشياخ الأربعة المتأخرين: « …وجزى الله خيرا مولانا أمير المسلمين في إشارته بهذا المجموع فإنه ما حركني له إلا نيته الصالحة وهمته الكريمة بارك الله للمسلمين في ولايته…وبلغه من محبته في أوليائه غاية التأمين بمنه و كرمه… »[55]. وعليه فالسلطان هو الذي أشار بجمع هذا الكتاب . أما ابن قنفذ القسنطيني صاحب أنس الفقير فقد طلب منه بعض إخوانه في الدين من قسنطينة عام 787هـ/1385م أن يقيد أخبار شيخ المشايخ أبي مدين شعيب[56].
نخلص مما تقدم إلى أنه في ظل الدوافع العديدة للذَكَر المؤلِف، مثل الانتصار لقضية عرق، أوتحزب مذهبي ، أولرغبة في التبرك بذكر أخبار الصالحين ، أوتنفيذا لرغبة سلطان أومحب، أولإنبهار من نوع معين بنموذج ولائي نسوي باهر، غيبت أخبار النساء ولم يُدون منها إلا ما جاء عرضا ،أو في سياق الدافع المسطر مسبقا.
2/ منهج التأليف :
إن كتب الطبقات والمناقب الصوفية عمل له بنية نصية محددة ، ومنطق داخلي يتحكم في تطور الخطاب، ولهذا الأخير آليات معينة تهدف إلى إثارة أصناف محددة من المشاعر ووظائف محددة يرجوها صاحب الأثر من وراء وضعه[57]، زيادة على ذلك فهي تعتمد على السند وتمحصه جيدا ،ثم تقبل منه مالا يحدث تفرقة وبدعة في الدين،وعليه يقصى منها ما يخشى منه أن يفتن بعض السامعين[58]،ومن هذا الطريق »…كره بعض السلف تعليم النساء سورة يوسف لما انطوت عليه من تلك القصص لضعف عقولهن … »[59]. وعليه فلن يترك من أخبار الصالحات غير ما يُرجى منه نفع المرأة. وهذا من يحدده؟ بلا شك إنها ثقافة المجتمع والمؤلف.
وأيضا لما كانت رواية الخبر تحصل من طريقين هما:التواتر: وهو كل خبر رواه الجم الغفير والعدد الكثير الذي لا يجوز به تواطؤهم على الكذب.والآحاد: هوكل خبر لا يحصل منه أكثر من غلبة الظن بصدق من أخبر .وكان الأول أوكد في نقل الخبر[60]، وأغلب أخبار الصالحات من الآحاد فإنه لا يدون منها إلا ما ساير ما ذكرناه سابقا.ذلك أن النساء الصالحات لا يروي أخبارهن إلا خديمها، أو ابنها، أو من اختص بمحادثتها من مريديها[61]،وبذلك تضيق دائرة اتصالاتها فيضيق تبعا لذلك نطاق أخبارها .
وإذا كان الخطاب الصوفي يلتزم بهدف معين يسعى إليه وسند مشروط فإنه أيضا غير حر، فهو يواجه فئات قوية مثل السلطة والفقهاء والمعتزلة، وعليه فهو يكتب بحذر[62]، خاصة إذا تعلق الأمر بالمرأة.كما أن الميل نحو الاختصار واحد من الأسباب التي تضفي مسحة التعتيم على ظاهرة التصوف النسوي، فمؤلفو المناقب الصوفية يعتمدون المنهج القائم على أنه « …يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق… »[63].
وعليه فالرواية المنقبية النسائية قيد قليلها أثناء انتقالها من المرحلة الشفوية إلى مرحلة التدوين، سواء لكونها قصُرت عن شرط التدوين ، أو لحذر، أو لاختصار صاحب القلم تماشيا مع الهدف المرسوم، وعليه جاءت أخبارها ضمن ما يربطها بالرجل من علاقة كأم أو أخت أو زوجة، إلا في القليل النادر تفرد لها ترجمة خاصة تكون مختصرة ،أو يطغى عليها الجانب الخوارقي .
3/ موقف الثقافة العالمة من أخبار الصالحات:
إن جل واضعي كتب الطبقات والمناقب الصوفية هم من القضاة والفقهاء، ممثلي الثقافة العالمة [64]،التي كان من مقاصدها تدوين الرواية الشفوية بعد تمحيصها ونبذ ما لا يتلاءم مع العقيدة منها[65]،وإضفاء المشروعية على التصوف، ومحاولة إدخاله في دائرة الإسلام السني وإسباغ القبول عليه[66]، وفي جانب ما هي محاولة التفاف على التصوف واحتوائه، وعيا منهم بأهمية الدور السياسي والديني والاجتماعي لفئة الأولياء ،وبضرورة كسب ودها، وتأطيرها، وعدم معاداتها[67]. وهذه السياسة ستطبق بصرامة على المرأة المتصوفة، خاصة وأن المرأة كان منظورا إليها باحتراز من طرف الثقافة العالمة[68]، فالمدرسة المالكية وقفت موقفا محافظا من المرأة، واعتبرهن ابن عرفه « بأنهن محمولات على السفه » ،كما أفتى بمنع خروج النساء لمجالس العلم والذكر والوعظ[69]. فهذه الثقافة كان لها السلطة والقوة في تضييق وتوجيه أخبار الصالحات.
برر البرزلي هذه السياسة فقال: »…وخروجهن اليوم لمجالس النساء واجتماعهن بعضهن لبعض لما ينتج عن ذلك من التعرض لأخذ مال الزوج…أو فتنة الصغار منهن من هروبهن على أزواجهن وكثرة خروجهن في الأزقة وتعرضهن للفتن…ومن انتصب منهن لهذه المجالس فإنما هو لجمعهن الدينار و تخليق النساء على أزواجهن و ذكرهن في مجالسهن ما يخالف طرق الشريعة.ويجب على من ولاه الله أمر المسلمين النظر في ذلك وقطع مادة مفسدتهن… »[70]. وقال أيضا : »…وأما مجالس النساء في المواعظ والتذكير فالإنكار عليهن فيه كثير لما فيه من مخالفة الشريعة و بعض المناكير، ولم يزل القضاة ينكرون عليهن و تجري عندهن مسائل في الفتوى ما أنزل الله بها من سلطان…، إذ ليس لهن شيخ سني يربيهن كما يربي الرجال إلا محض دعاوي وهن حبائل الشيطان. فإذا ثبت ذلك وجب الإنكار عليهن وتشتيت شملهن… »[71].
إذن يقع الاحتراز من تصوف النساء بسبب نقاط عدة هي:
– مخالفة الشريعة .
– ارتكاب بعض المناكير.
– ابتداع مسائل في الفتوى.
– لا يستندن إلى شيخ سني يربيهن .
إضافة إلى هذه الاحترازات فالفقهاء يحملون ثقافة مرجعية ضد المرأة فـ : »هن حبائل الشيطان « [72]، وأن » النساء غير مؤمونات والنفوس كمائن »[73]. لهذا يصدر الفقهاء سلسلة من الموانع في حقهن، بل « …المنع في حقهن أشد… »[74] . ذلك أن دور الفقيه هو التحذير والمنع انطلاقا من الشرع لينشد المجتمع المثالي، مجتمع الصحابة، وهذه هي ذهنيته للمحافظة على سيرورة المجتمع الإسلامي[75]. أمام هذه العراقيل فإنه بالضرورة سوف تضيق دائرة التصوف النسوي. إذن شُتت وأُنكر وحُذف جانب كبير من الحقائق حول ظاهرة تصوف النساء في المغرب من جرّاء هذه السياسة، ولم نجد إلا اشارات تدل عليها نلتقطها من هنا وهناك.
4/ الحريم[76] :
لقد واجهت الكتابة والحديث عن المرأة منعا وتحريما ومصادرة على طول التاريخ فنشأت بالتالي منظومة من القيم والأعراف الاجتماعية والأخلاقية التي تعكس المباحات والمحرمات في المؤسسة الذكورية[77].
وقد لاحظ علي زيعور هذا السكوت، وعنه قال: »…فإن المرأة في الأوليائية والتصوف تظهر غالبا…دون اسم ، لكن هذا الغض للطرف عن ا سمها قصدا، أو ربما لأسباب تتعلق بالشرف أو بالتدين أو بكرامتها … »[78].
وهذا الأمر نجد له أمثلة عديدة منها : ابن قنفذ في أنس الفقير لم يخبرنا عن أمه وأخته التي قرأت الرسالة إلا الشيء القليل.
وحتى أوائل القرن العاشر الهجري/16م لم نعرف أخبار عائشة بنت أحمد الإدريسية إلا من طريق ابنها محمد بن عسكر الحسني الشفشاوني[79] ولعله لذات السبب منعت السيدة آمنة بنت أحمد القاضي[80] من إتباع وخدمة الولي أبي الحسن علي الصنهاجي[81]، إذ « …كان أهلها ينقمون ذلك عليها … »[82].كما ترسخ في ذهنية المجتمع أن « …المرأة إذا تزوجت غلبت على جل أمرها… »[83].
ونتيجة لذلك كانت أغلب النساء المتصوفات من المستورات، لذا نحتاج إلى من يعرف بهن، مثل أخت عبد العزيز التونسي، التي لم يعرف الناس بركتها إلا عن طريق أخيها ، وكذلك فلانة الأندلسية التي لم يعرف بها إلا الحيوان الغريب الذي جثم على أحد المريدين وأرشده إلى شأنها الكبير وأنها تجاري في مقامها أو تفوق أبا يعزى[84].كرامة لعايشة المنوبية توحي بهذه الظاهرة جاء فيها : »…
وحدثني الشيخ سيدي سعدون الأسمر قال كنت نسئل الله تعلى في سجودي أن يريني بعض الصالحين فرأيت ليلة في النوم سيدي أبا زيان وهو يقرا والذاكرين الله كثيرا والذاكرات وهو منهم وعليه نور عالي وعن يمينه قصر يحير الواصفون في وصفه فقلت له يا سيدي بالله عليك القصر هذا لمن قال للمجهولة عندكم فقلت وأين هي قال لي عايشة المنوبية ثم انتبهت وأنا أنطق بذكرها … »[85] . وجاء في وصفها أيضا: « …وهي مجهولة في الخلق… »[86].
من جميع ما تقدم نخلص إلى أن فكرة الحريم والستر هي التي وجهت أقلام المؤلفين في مناقب أخبار الصالحين ،في الجزء المتعلق بالمرأة ،لهذا فأخبارها تكون إما قليلة أو موجهة ،وتكون الصالحة بذلك من الأولياء المستورين أو المجهولين.
5/ مركزية الرجل في التصوف :
حينما نتصفح أخبار المتصوفة نجدها مليئة بتعابير من مثل : »… أرأيت بعض ما يراه الرجال ؟ … »1 . و » … إلى أن لحق بالرجال … » 2 . » … فانكسرت انكسارا عظيما ونالني حسرة القصور عن أحوال الرجال … » 3. » … وهذا لا يقوله إلا زعيم في الرجال … »4 . و »…شارف مقامات الرجال … »5. و »…هم الرجال … »6. « …هؤلاء الرجال هدى الخلق وبهم ينصرون … »7.
فهذه التعابير توحي بأن الرجل هو المثل الأعلى في التصوف، وأن المرأة موجودة ضمنا في مسمى الرجال ،كما قال ابن عربي: »…وكل ما نذكره من هؤلاء الرجال باسم الرجال فقد يكون منهم النساء ولكن يغلب ذكر الرجال … »8 .لكنها قد تكون » سيدة الرجال » كما قالت الولية عايشة المنوبية9، أو أستاذة الرجال كما جاء في خبر رواه ابن الزيات حيث قال: « …قال أبو بكر: وقلت يوما لتين السلامة: خدمتك مدة فما رأيت شيئا مما يراه الرجال ، فقالت لي : تتوب إلى الله تعالى وعليك بالصوم ، فصمت أياما ، فلما كان ذات ليلة قالت لي : قم فانظر كم بقي من الليل ، فقمت لأنظر … ، فرأيت شيئا يطير في الهواء كالغرنوق العظيم فإذا به قد نزل على خيمتها ثم دخل إليها فإذا هو صهرها أبو سجمات فسمعته يقول لها : ما وجدت من ترينه من تلامذتك إلا أنا فتحدث معها ساعة ثم رأيته عاد من حيث جاء … »10 .
إن هذا النص يخبر باتهام أبو بكر الحويري خديم تين السلامة لها بأنها قاصرة عن إتيان ما يأتي به الرجال في التصوف، فأرته بأنها أستاذة رجل من الرجال الذين يطيرون في الهواء .فعلى الرغم من علو مقامها فإنه لم يطلع عليه حتى خديمها، إلا بعد أن اتهمها بالقصور.
وهذا يعني أن مفهوم الرجال لا يلغي الحضور النسائي على الرغم من سياسة التعتيم الموجودة، إذ من الممكن أن يتسع هذا المفهوم ليستوعب المرأة كبيرة الشأن في التصوف ،وهذه الصفة الأخيرة لاتظهر إلا في وجود مؤثر خارجي .
وعليه فالرجال1 كلمة تعني أهــل الكشف والغيب والكرامات ؛ أي الصوفية الأولياء2، وأن » الرجولية بالهمة لا بالصورة « 3. ومع ذلك فموقف خديم تين السلامة يعكس ذهنية المجتمع المغربي المكرسة لتفوق جنس الذكور ، في ذات الإطار قال ابن الطواح : « …وأين منزلة الأنثى من الذكر … »4. ويظهر هذا الموقف جليا في منع المرأة من الإرث5 ، والتحبيس على الذكور دون الإناث6، بل أن كرامات كثير من الصوفية مثلا – أبي سعيد خلف الباجي – تقوم بتغيير المولود الأنثى إلى ذكر7.
وهذا كله دليل على الاحتفال بالذكر وتهميش للأنثى ، وأن المرأة هي الكائن الثاني تاريخيا بعد الرجل8،ومن هنا أدرجت أخبارها ضمن ما يربطها بالرجل من علاقة كأم أو أخت أو زوجة، إلا في القليل النادر تفرد لها ترجمة خاصة .
خلاصة ما تقدم أن أخبار المتصوفات المغربيات تحكمت فيها كمًا وكيفًا مجموع العوامل السابقة التي تطرقنا إليها بالتحليل والمناقشة ،لكننا لا ندعي الوقوف على كل العوامل المتسببة في ذلك التعتيم، فقد تظهر مستقبلا عوامل أخرى تجيب أيضا عن ظاهرة التعتيم والتغييب في حق أخبار النساء الصالحات .
الخاتمة :
على الرغم من الصعوبة التي نواجهها في التأريخ للتصوف النسائي كما سبق وأن شرحنا، إلا أننا لا نعدم الوسيلة في إيجاد بعض أخبارهن التي تساعدنا في رسم صورة تقريبية عن تجربتهن الصوفية. فقد أحصينا كما مر معنا 12 علما منهن ،غير أن تراجمهن تفاوتت من حيث الطول والقصر بحسب ما توفر من أخبار عنهن ،من خلال المصادر التي بين أيدينا .وهذا العدد ليس نهائي ولا الترجمة كذلك ،لأننا نؤمن بوجود مصادر مخطوطة لم يسمح بها الزمن الآن ،لكن كلي يقين بأنها سترى النور قريبا بفضل جهود الباحثين في هذا الميدان.
ثم أنه باستثناء مؤمنة التلمسانية التي أفرد لها ابن قنفذ حيزا مهما في كتابه، فإن باقي صالحات تلمسان اللائي ذكرناهن جاء الخبر عنهن من خلال دورهن كراويات لكرامات ومناقب الصلحاء من الرجال الذين كانت الترجمة بالأساس حولهم .ولما كان يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ،فإن باقي الأخبار التي كنا نبحث عنها خاصة أحوال صالحات تلمسان لم تسعفنا تلك الكتب بالحديث عنها .فأفدنا كما سبق الحديث عنه معرفة وجود نساء صالحات في محيط بيوتات الصلاح بأسمائهن كبيت ابن مرزوق وبين بني عبد العزيز وبيت السنوسي سواء كن زوجات ،أخوات ،بنات الولي ،وحتى خادمات ومريدات .ودورهن في الرواية الصوفية .فنحن مازلنا لا نعرف أمينة بنت يغروسن هل كانت متزوجة أم عازبة ،أين كانت تقيم ،وأين دفنت ، هل كانت مريدة للشيخ عبد السلام التونسي ،أم أنها سلكت طريق التصوف الفردي المبني على المجاهدة والاعتكاف ولبس الخشن ،بدون الدخول في عالم المقامات الصوفية والعرفان الصوفي .و لم نعرف أحوال العابدات المقيمات بالعباد من أين أتين ،كيف كان يمر يومهن ،ما أحوالهن ومقاماتهن ،هل لهن تنظيم صوفي يتبعنه كل هذه المعلومات تنقصنا عنهن وعن غيرهن من الوليات بنات البيوتات ،ما أحوالهن ، مقاماتهن ،أقوالهن .
نتمنى أن تطالعنا الأيام القادمة بمخطوطات تخبر عن صالحات تلمسان، بل والمغرب الأوسط ،بفضل جهود أصحاب الخزائن عن طريق السماح لمثل هذه المصادر بالخروج من عالم الظلام الى النور، لكي نؤرخ للظاهرة بحجمها الطبيعي بدون تزيد أو نقصان .
قائمة المصادر والمراجع :
-
بوبريك رحال:بركة النساء ،الدين بصيغة المؤنث، إفريقيا الشرق، المغرب ،2010.
-
ANDEZIAN Sossie :femmes et religion en islam ;un couple maudit ?clio.femmes.Genre.histoire,2 ,1995 ,http://clio.revues.org/493 ,05 /05/2014 .
-
الملالي أبوعبد الله محمد بن عمر التلمساني :المواهب القدوسية في المناقب السنوسية ،تحقيق وتعليق علال بوربيق ،دار كردادة للنشر والتوزيع ،الجزائر ،2011.
-
ابن مرزوق أبو عبد الله محمد الخطيب التلمساني (ت 781ه):المناقب المرزوقية ،دراسة وتحقيق سلوى النظام ،منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية ،المملكة المغربية ،2008.
-
ابن الطواح عبد الواحد محمد: سبك المقال لفك العقال ، تراجم وأعلام من القرنين السابع والثامن الهجريين، تحقيق ودراسة محمد مسعود جبران ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1995.
-
ابن عربي أبو عبد الله محمد بن علي : الفتوحات المكية، مكتبة الثقافة الدينية، المركز الإسلامي للطباعة، القاهرة،(دت)، 4مج.
-
عزوزي إدريس : الشيخ أحمد زروق ، آراؤه الإصلاحية ، تحقيق ودراسة لكتاب « عدة المريد الصادق »، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، المملكة المغربية ، الرباط ، 1998،ص . 591 .
-
الهلالي محمد ياسر : نظرة المجتمع للمرأة في مغرب القرن 8-9هـ/14-15م ، مجلة أمل،التاريخ ،الثقافة والمجتمع ، ع13-14، سنة 05، الدار البيضاء ، 1998 .
-
ابن منظور محمد ابن مكرم المصري: لسان العرب، ، دار صادر ، بيروت ، (د ت).
-
إبراهيم الحيدري : النظام الأبوي أو إشكالية الجنس عند العرب ، دار الساقي، بيروت، 2003.
-
المازوني : موسى بن عيسى:صلحاء وادي شلف ، مكتبة الخزانة العامة ، الرباط ، ميكرو فيلم رقم 2343كـ.
-
مؤلف مجهول :مناقب الولية الصالحة عايشة المنوبية ، زاوية الهامل،بوسعادة، الجزائر، ضمن مجموع، رقم066 ص.
-
ابن الأحمر: إسماعيل بن يوسف (ت807هـ/1404):روضة النسرين في دولة بني مرين ، تحقيق عبد الوهاب ابن منصور ، المطبعة الملكية ، الرباط ، 1991، ط2.
-
الباديسي: عبد الحق بن إسماعيل ( توفي أوائل القرن 8هـ/14م):المقصد الشريف والمنزع اللطيف في التعريف بصلحاء الريف ، تحقيق، سعيد اعراب ، ط2 ، المطبعة الملكية الرباط ، 1993.
-
البرزلي: أبو القاسم بن أحمد البلوي التونسي (ت841هـ/1438م) :جامع مسائل الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام ، تقديم وتحقيق : محمد حبيب الهيلة ، دار الغرب الإسلامي ، 2002 ، 7ج.
-
الدباغ :أبو زيد عبد الرحمان بن محمد الأنصاري (ت696هـ/1296م) : معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان ، أكمله وعلق عليه أبو الفضل أبو القاسم بن عيسى بن ناجي التنوخي، تحقيق محمد الأحمدي أبو النور ومحمد ماضور، المكتبة العتيقة، تونس ، 1993، ط2، 4ج.
-
17 . ابن الزيات: أبو يعقوب يوسف بن يحي التادلي (ت627هـ/1230م): التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي ، تحقيق أحمد التوفيق، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، جامعة محمد الخامس ، الرباط، 1984.
-
ابن صعد:عبد الله بن محمد بن أحمد الأنصاري (ت901هـ/1495) :روضة النسرين في التعريف بالأشياخ الأربعة المتأخرين، مراجعة وتحقيق يحي بوعزيز ، منشورات ANEP، الجزائر ، 2002 .
-
– ابن الطواح: عبد الواحد محمد (توفي بعد سنة718هـ/1318م):سبك المقال لفك العقال ، تراجم وأعلام من القرنين السابع والثامن الهجريين، تحقيق ودراسة محمد مسعود جبران ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1995 .
-
– العزفي: أبو العباس ( ت633هـ/1235م):دعامة اليقين في زعامة المتقين » مناقب الشيخ أبي يعزى » ، تحقيق أحمد التوفيق ، مكتبة خدمة الكتاب ، الرباط ، 1989.
-
– ابن عسكر: الشفشاوني محمد الحسني (ت986هـ/1578م):دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر، تحقيق محمد حجي، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، الرباط، 1977.
-
– الفاسي: محمد المهدي (ت1109هـ/1697م):ممتع الأسماع في ذكر الجزولي والتباع وما لهما من الأتباع ، تحقيق وتعليق عبد الحي العمري وعبد الكريم مراد ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، 1994 .
-
ابن قنفذ: أبو العباس أحمد الخطيب القسنطيني (ت 810هـ/1408م):أنس الفقير وعز الحقير، نشر وتحقيق ، محمد الفاسي وأدولف تور، المركز الجامعي للبحث العلمي، الرباط، 1965.
-
الماجري: أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن ينصارن (توفي صدر المائة الثامنةهـ/14م):المنهاج الواضح في تحقيق كرامات أبي محمد صالح،دراسة وتحقيق السعيدي عبد السلام،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا،كلية الآداب والعلوم الإنسانية،جامعة محمد الخامس، الرباط، 1992 -1993.
-
ابن مرزوق:أبوعبد الله محمد الخطيب التلمساني(ت781هـ/1379 م) المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا أبي الحسن، دراسة وتحقيق الدكتورة ماريا خيسوس بيقيرا، تقديم بوعياد ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر ، 1981
-
ابن مريم:أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المليتي المديوني التلمساني (ت1014هـ/1605م):البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،1986
-
الونشريسي: أحمد بن يحي (ت914هـ/1508م):المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب ، خرجه جماعة من الفقهاء بإشراف الدكتور محمد حاجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت،1983 ،13ج.
-
زيعور علي:العقلية الصوفية ونفسانية التصوف، نحو الاتزانية إزاء الباطنية والأوليائية في الذات العربية، دار الطليعة للطباعة والنشر،بيروت،1979
-
مفتاح محمد: التيار الصوفي والمجتمع في الأندلس والمغرب أثناء القرن 8 هـ/14م، القسم الأول: أسس وكيان ،أطروحة دولة،جامعة محمد الخامس،كلية الآداب والعلوم الإنسانية،الرباط، 1980-1981
-
فرحات حليمة وحامد التريكي : كتب المناقب كمادة تاريخية ، التاريخ وأدب المناقب ، منشورات الجمعية المغربية للبحث التاريخي، الرباط ، 1988
-
القبلي محمد:حول بعض مضمرات التشوف، التاريخ وأدب المناقب، منشورات الجمعية المغربية للبحث التاريخي، الرباط ، 1988
-
مفتاح محمد: الواقع والممكن في المناقب الصوفية ، التاريخ وأدب المناقب، منشورات الجمعية المغربية للبحث التاريخي، الرباط ، 1988
-
الهلالي محمد ياسر: نظرة المجتمع للمرأة في مغرب القرن 8-9هـ/14-15م ، مجلة أمل:التاريخ ،الثقافة ،المجتمع ، ع13-14، السنة الخامسة ، الدار البيضاء ، 1998
-
فرحات حليمة : مقدمة تحقيق كتاب السر المصون فيما أكرم به المخلصون للصدفي طاهر بن محمد بن طاهر ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، 1998 ، ص.09
-
حسن محمد: المدينة والبادية بإفريقية بالعهد الحفصي، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة تونس، تونس، 1999، ج2 ، ص.786
-
العامري نلي :الولاية والمجتمع ،مساهمة في التاريخ الديني والاجتماعي لإفريقية في العهد الحفصي ،منشورات كلية الآداب ،جامعة منوبة ،تونس ،2000.
-
دحماني سهام :المرأة والتصوف بالمغرب الاسلامي من القرن السادس هجري/12م الى القرن التاسع الهجري/الخامس عشر، مذكرة ماجستير في التاريخ الوسيط ،اشراف الأستاذة الدكتورة بوبة مجاني، جامعة منتوري قسنطينة ،2006
Commentaires récents