هو أبو القاسم -محمد- بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ابن النّضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة
بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
إلى هنا انتهى النسب الذي أجمع الناس عليه وأجمعوا على أن عدنان من ذرية إسماعيل النبي بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، واختلفوا في عدد الآباء الذين بين عدنان وإسماعيل
تكميل- العرب كلهم راجعون إلى أصلين،
أحدهما قحطان وهم أصل اليمن ؛
والآخر عدنان وهم قريش وسائر العرب
وإنما يقال قريش لمن كان من ذرية النضر ابن كنانة دون غيرهم
وكانت قريش متفرقة في البلدان، فجمعهم بمكة قصي، ولذلك قيل له مجمع، وهو كان سيدهم المطاع، وكان له أربعة أولاد: عبد مناف وعبد العزي وعبد الدار وعدي
وكان لعبد مناف أربعة أولاد: هاشم والمطلب وعبد الشمس ونوفل
وكان لهاشم أربعة أولاد: عبد المطلب وأسد وأبو نضلة وصيفي وانقرض نسله إلا من عبد المطلب
وكان لعبد المطلب
عشرة أولاد ذكور: عبد الله – والد النبي صلى الله عليه وسلم وعمومته التسعة
وأدرك الإسلام منهم أربعة: حمزة والعباس-رضي الله عنهما- وأبو طالب وأبو لهب
ومات قبل البعثة خمسة: الحارث والزبير وحجل وضرار والمقدم
وكانت له ست بنات: أميمة وأم حكيم -وهي البيضاء- وبرة وعاتكة وصفية وأروى
وهن عماته -صلى الله عليه وسلم
وأمه التي ولدته صلى الله عليه وسلم ءامنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب
ذكر مولده ومنشإِه ومبعثه وهجرته ووفاته
ولد -عليه الصلاة والسلام- بمكة ليلة الاثنين لثامن خلون من ربيع الأوّل وقيل لاثنتي عشرة ليلة منه عام الفيل
وظهرت عند مولده صلى الله عليه وسلم عجائب
خرج معه نور ؛ وارتجّ إيوان كسرى ؛ وخمدت نار فارس، وكانت لم تخمد منذ ألف عام ؛
وأرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية من بني سعد بن بكر، وعندها كان حين شقّ جبريل عليه السلام بطنه وغسل قلبه
ومات أبوه وهو في بطن أمّه وقيل بعد ولادته
وماتت أمّه وهو ابن خمس سنين
وكفله جدّه عبد المطلب ثمّ مات وخلفه وهو ابن ثمانية أعوام
فكفله عمّه أبو طالب شقيق أبيه وكان شفيقا عليه وناصرا له
وخرج به في صغره إلى الشام، فعرفه بحيرا الراهب بصفات النبوءة، فأشار على عمّه أن يرجع به خوفا من اليهود
وكان يسمى في قريش الأمين
وبعثه الله وهو ابن أربعين سنة وقيل ابن ثلاث وأربعين
وأول ما جاءه جبريل وهو يتعبد بغار حراء فأنزل الله عليه سورة -إقرأ باسم ربّك
وءامن به قوم قريش وكفر أكثرهم وكان الكفار يفتنون المؤمنين ويعذبون من قدروا على تعذيبه حتى خرج جماعة من المؤمنين إلى أرض النجاشي ملك الحبشة فأسلم وأكرمهم ولما مات أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بموته وصلّى عليه
وكتبت قريش صحيفة بينهم وبين بني هاشم وبني المطلب بأن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم وحصروهم في الشعب وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأرضة قد أكلت الصحيفة فوجدوها كذلك فنقضوا أمرها
وأسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكّة إلى بيت المقدس وإلى السماوات السبع
وكان صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب ويدعوهم إلى الله فاستجاب له الأوس والخزرج وهم الأنصار على أن يحملوه إلى بلادهم وينصروه
فأقام صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعث عشر سنين وقيل ثلاث عشرة سنين
ثم هاجر إلى المدينة فوصلها يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول وهو أول عام من تاريخ المسلمين
وهاجر إليه أصحابه واجتمع المهاجرون والأنصار وأعزّ الله الإسلام
فبقي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة عشر سنين حتى بلّغ رسالة ربّه وأكمل الله دينه
فقبضه الله إليه بعد أن خيّره بين الموت والعيش
فاختار لقاء الله فمرض صلى الله عليه وسلم اثنى عشر يوما ومات يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأوّل عام أحد عشر ودفن ليلة الأربعاء وقيل يوم الثلاثاء ببيت عائشة رضي الله عنها وهو ابن ستين سنة وقيل ابن ثلاث وستين سنة
ذكر خَلْقه وخُلُقه عليه الصّلاة والسّلام
أمّا خَلْقَهُ فكان أحسن الناس وجها أزهر اللون مشوبا بحمرة رجل الشعر حسن الجمة كحل الشعر ليس بالجعد القطط ولا بالسبط ربعة ليس بالطول ولا بالقصير أقنى الأنف أدعج العينين حسن الثغر واسع الفم حسن العنق ضخم اليدين واضح الصدر كسث اللحية واسعها بين كتفيه خاتم النبوءة
وأمّا خُلُقُه صلى الله عليه وسلم فجمع أكرم الشمائل وأعظم الفضائل فمنها شرف النّسب صلّى الله عليه وسلّم، وحسن الصورة، وقوّة الحواس، ووفور العقل، ودقّة الفهم، وكثرة العلم وفصاحة اللسان، والنطق بالحكمة، وكثرة العبادة، والزهد، والصبر، والشكر، والعفّة، والعدل والحياء، والأمانة، والمروءة، والعفو، والاحتمال، والشفقة، والرحمة، والكرم، والشجاعة والوقار، والصمت، والمودّة، والتّواضع، والاقتصاد، والحلم، وطيب النفس، وسماحة الوجه وحسن المعاشرة، وصدق اللسان، والوفاء بالعهود، وبذل المجهود في رضى المعبود، والتزام آداب العبودية، والقيام بحقوق الربوبية، واحتمال المشقات في جنب الله تعالى، وارتكاب الأهوال العظام في دعاء الخلق إلى الله تعلى، وشدّة الخوف منه، والرجاء فيه، والمراقبة له والتّوكّل عليه، والانقطاع بالكلية إليه، إلى غير ذلك مما تكلّ عنه الأقلام وتعجز دونه الأفهام
ذكر بعض معجزاته صلى الله عليه وسلم
فمنها القرءان العظيم، وانشقّ له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وفجّر الماء في عين تبوك وبئر الحذيبية، وأشبع الجمع الكثير من الطعام القليل مرارا، وحنّ إليه الجذع، وانقاد إليه الشّجر، وسلّم عليه الحجر، ومسح ضرع شاة حائل فدرت، وسقطت عين بعض أصحابه فردّها فكانت أحسن عينيه، وتفل في عين علي رضي الله عنه يوم خيبر وهو أرمد فبري من حينه، وأخبر بكثير من الغيوب فوقعت على حسب ما قال
وهذا الباب واسع جدا
وظهرت إجابة دعائه في أمور لا تحصر وإنّما ذكرنا من معجزاته ما نقل بالتواتر الذي لا شك فيه
ومعجزاته صلى الله عليه وسلم ألف معجزة ظاهرة وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى
ذكر أزواجه صلّى الله عليه وسلّم
أوّل ما تزوّج خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى وهو ابن خمسة وعشرين سنة
وبُعِث وهي معه، فسارعت إلى تصديقه ولم يتزوّج عليها غيرها حتّى ماتت بمكّة قبل الهجرة بثلاث سنين
وتزوّج بعدها عشر نسوة ودخل بهنّ
أوّلهنّ سودة بنت زمعة القرشية من بني عامر
ثمّ عائشة رضي الله عنها بنت أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، ولم يتزوّج بكرا غيرها، تزوّجها بمكّة وهي بنت ستّ سنين وبنى بها في المدينة وهي بنت تسع سنين
وحفصة بنت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه
وزينب بنت خزيمة الهلالية
وأمّ سلمة بنت أبي أميّة بن المغيرة القرشية من بني مخزوم
وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب القرشية من بني أميّة
وزينب بنت جحش
وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار من بني المصطلق من خزاعة
وصفية بنت حيي بن أخطب من بني إسرائيل
وميمونة بنت الحارث بن خزر الهلالية
فماتت قبله زينب بنت خزيمة
وماتت التسعة بعده صلى الله عليه وسلّم
وتزوّج نسوة أخرى طلّقهنّ واختلف في أسمائهنّ وعددهنّ
ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم
ولدت له خديجة رضي الله عنها القاسم الذي كان يكنّى به والطّيّب والطّاهر وقيل اسم أحدهما عبد الله وزينب ورقية وأمّ كلثوم وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين وولدت مارية سريته صلىالله عليه وسلّم إبراهيم ولم يولد له من غيرهما
فأمّا الذّكور فماتوا صغارا
وأما الإناث فتزوّجن كلّهنّ
تزوّج زينب أبو العاصي بن الربيع من بني عبد شمس
وتزوّج أمّ كلثوم ورقيّة عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين
وتزوّج فاطمة علي بن أبي طالب رضي الله عنهما فولدت الحسن والحسين ومحسنا وأمّكلثوم
وماتت بناته صلى الله عليه وسلم في حياته إلاّ فاطمة ماتت بعده بستّة أشهر
ذكر غزواته صلى الله عليه وسلّم وحجّه وعمرته
غزا بنفسه سبعا وعشرين غزوة
أوّلها- غزوة ودان وهي الأبواء
ثمّ غزوة بواط
ثم غزوة العشيرة
ثم غزوة بدر الأولى
ثم غزوة بدر الثانية وهي يوم الفرقان يوم التقى الجمعان فنصر الله الإسلام وقتل من المشركين سبعون وأسرّ سبعون وأهلك الله فيها صناديد الكفار
ثم غزوة بني سليم
ثم غزوة التسويق
ثم غزوة غطفان وهي غزوة ذي أمر
ثمّ غزوة نجران
ثمّ غزوة بني قينقاع
ثمّ غزوة أحُد، استشهد فيها حمزة وجماعة من المسلمين
ثمّ غزوة حمراء الأسد
ثمّ غزوة بني النضير وهم يهود، ففتح حصنهم وأجلاهم
ثمّ غزوة ذات الرّقاع
ثمّ غزوة بدر الثّالثة
ثمّ غزوة دومة الجندل
ثمّ غزوة الخندق
ثمّ غزوة بني قريظة وهم يهود ففتح حصنهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم وذريتهم
ثم غزوة بني لحيان
ثمّ غزوة ذي قرد
ثمّ غزوة بني المصطلق
ثمّ الفتح فتح مكّة واختلف هل دخلها عنوة أو صلحا وأسلم يومئذ كافة أهلها
ثمّ غزوة حنين وفيها رمى الكفار بقبضة من التّراب فانهزموا وغنم المسلمون نساءهم وأموالهم
ثمّ غزوة الطائف حضرها أياما ثم رحل عنها وأسلم أهلها بعد ذلك
ثمّ غزوة تبّوك إلى أرض الرّوم وهي آخر غزواته
وبعث صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى الغزو ثمانيا وثلاثين 38 مرّة في سرايا يؤمّر عليهم واحدا منهم
وحجّ صلّى الله عليه وسلّم حجّة الوداع بعد الهجرة عام عشرة
واعتمر عمرتين
عمرة القضية سنة سبع
وعمرة من الجعرانة سنة ثمان
من كتاب القوانين الفقهية لابن جزي الأندلسي 1294-1340م
Trackbacks / Pingbacks