المواقف

في بعض إشارات القرءان

إلى الأسرار والمعارف

الشيخ الأمير سيدي عبد القادر بن محيي الدين الحسني الجزائري

الحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ

ذَكَرَ ابْنُ خَلِكَان فِي « وَفَيَات الأَعْيَان » بَيْتَيْنِ

لِلإِمَامِ العَالِمِ الخَلِيلِ بنِ أَحْمَد –رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- وَهُمَا:

لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا أَقُولُ عَذَرْتَنِي  *  أَوْ كُنْتُ أَجْهَلُ مَا تَقُولُ عَذَلْتُكَ

لَكِنْ جَـهَلْتَ مَقَالَتِي فَعَذَلْتَنِي   *  وَعَلِمْتُ أَنَّكَ جَاهِلاً   فَعَذَرْتُكَ

قَالَ سَيِّدُنَا وَأُسْتَاذُنَا، وَعُمْدَتُنَا وَمَلاَذُنَا، العَارِفُ المُحَقِّقُ، وَالمُكَاشِفُ المُدَقِّقُ، مَوْلاَنَا الأَمِيرُ عَبْدِ القَادِرِ بنِ مَوْلاَنَا (السَّيِّد) مُحْيِي الدِّينِ،[1] فَسَحَ اللهُ فِي مُدَّتِهِ، وَجَعَلَنَا فِي زُمْرَتِهِ، آمِين.

 

الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِيءُ مَزِيدَهُ،

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى رَحْمَةِ العَالَمِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.

 

هَذِهِ نَفَثَاتٌ رُوحِيَّةٌ، وَإِلْقَاءَاتٌ سُبُّوحِيَّةٌ، بِعُلُومٍ وَهْبِيَّةٍ، وَأَسْرَارٍ غَيْبِيَّةٍ، مِنْ وَرَاءِ طَوْرِ العُقُولِ، وَظَوَاهِرِ النُّقُولِ، خَارِجَةٌ عَنْ أَنْوَاعِ الاِكْتِسَابِ، وَالنَّظَرِ فِي الكِتَابِ. 

قَيَّدْتُهَا لِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا. إِذَا لَمْ يَصِلُوا إِلَى اقْتِطَافِ أَثْمَارِهَا، تَرَكُوهَا فِي زَوَايَا(ج1و2) أَمَاكِنِهَا إِلَى أَنْ يَبْلُغُوا أَشُدَّهُمْ، وَيَسْتَخْرِجُوا كَنْزَهُمْ؛ وَمَا قَيَّدْتُهَا لِمَنْ يَقُولُ {هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ، وَأَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}، وَيَحْجُرُ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَيَقُولُ:  » أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ؟  » مِنْ عُلَمَاءِ الرَّسْمِ، القَانِعِينَ مِنَ العِلْمِ بِالاِسْمِ. فَإِنَّنَا نَتْرُكُهُمْ وَمَا قَسَمَ اللهُ تَعَالَى لَهُمْ. فَإِذَا أَظْهَرُوا لَنَا مَلاَمًا وَخِصَامًا، تَلَوْنَا {وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا}. وَنُعِيرُهُمْ أُذُنًا صَمَّاءَ، وَعَيْنًا عَمْيَاءَ، وَنَقُولُ لَهُمْ {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِلَـهُنَا وَإِلَـهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. وَلاَ نُجَادِلْهُمْ، بَلْ نَرْحَمْهُمْ وَنَسْتَغْفِرْ لَهُمْ. وَنُقِيمُ لَهُمْ العُذْرَ مِنْ أَنْفُسِنَا فِي إِنْكَارِهِمْ عَلَيْنَا، إِذْ جِئْنَاهُمْ بِأَمْرٍ مُخَالِفٍ لِمَا تَلَقُوهُ مِنْ مَشَائِخِهِمْ المُتَقَدِّمِينَ، وَمَا سَمِعُوهُ مِنْ آبَائِهِمْ الأَوَّلِينَ.

فَالأَمْرُ عَظِيمٌ، وَالخَطْبُ جَسِيمٌ، وَالعَقْلُ عُقَالٌ، وَالتَّقْلِيدُ وَبَالٌ، فَلاَ عَاصِمَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبِّي.

وَطَرِيقَةُ تَوْحِيدِنَا، مَا هِيَ طَرِيقَةُ المُتَكَلِّمِ، وَلاَ الحَكِيمِ المُعَلِّمِ؛ وَلَكِنْ طَرِيقَةُ تَوْحِيدِ الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ وَسُنَّةِ الرُّسُلِ المُرْسَلَةِ، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ بَوَاطِنُ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَالسَّادَاتِ العَارِفِينَ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الجَمْهُورُ وَالعُمُومُ، فَعِنْدَ اللهِ تَجْتَمِعُ الخُصُومُ.


[1]   في طبعة 1966 وطبعة2005 : [أماتنا الله بفضله على محبّته، وحشرنا بكرمه في زمرته، تحت لواء سيد المرسلين، وحبيب ربّ العالمين]

تحقيق وإعداد: محمد بن أحمد باغلي