من مجالس سيدي العروسي

بركات بن أحمد بن محمد القسنطيني

وسيلة المتوسلين

.

 

صفحتان من مخطوطة سيدي العروسي للسيد بوسيف التراري

صفحتان من مخطوطة سيدي العروسي للسيد بوسيف التراري

بسم الله الرحمن الرحيم  صلى الله على سيدنا محمد وءاله وصحبه

قال الشيخ الوليّ الصّالح المحبّ الشّايق النّاصح المشفق

سيدي بَرَكَات ابن محمد ابن محمد العروسي

نفعنا الله ببركاته ءامين

الحمد لله الذي أطلع في أُفُقِ النُّبُوءَةِ هِلاَلاً نَيِّرًا كَوْكَبًا وَسِيمًا * وَأَثْبَتَ فِي دَوْحَةِ الكَمَالِ وَالجَمَالِ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَصْلاً زَكِيًا وَفَرْعًا كَرِيمًا * وَجَعَلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمَ الخَلْقِ نَسَبًا * وَأَطْهَرَهُمْ عُنْصُرًا وَأَشْرَفَهُمْ قَبِيلَةً وَأَعْلاَهُمْ حَسَبًا شَامِخًا حَمِيمًا * وَفَضَّلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَائِرِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ مِنَّةً مِنْهُ عَليْهِ وَتَكْرِيمًا * وَأَمَرَ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ فِي كِتَأبِهِ العَزِيزِ وَحَرَّضَ عَلَيْهَا مِنَ المُؤْمِنِينَ كَبِيرًا وَصَغِيرًا وَرَضِيعًا وَفَطِيمًا * وَوَعَدَ بِالأَجْرِ عَلَيْهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَتَّبَ لِلْمُصَلِّي عَلَيْهِ فَضْلاً كَثِيرًا وَثَوَابًا عَظِيمًا * وَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ تَشْرِيفًا لَهُ وَلِقَدَرِهِ العَلِيِّ تَفْخِيمًا * وَإِظْهَارًا لِفَضْلِهِ الجَلِيِّ وَتَعْظِيمًا * إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *  نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ جَعَلَنَا مِنْ أُمَّتِهِ * وَهَدَاينَا لاِتِّبَاعِ سُنَّتِهِ * حَمْدًا مِنَ الشُّكُوكِ سَلِيمًا * وَنَشْكُرُهُ عَلى مَا أَلْهَمَ مِنَ الإِمْسَاكِ بِعِزِّ طَاعَتِهِ شكرًا جَسِيمًا * وَنُصَلِّي عَلَى نَبِيِّهِ الكَرِيمِ الرَّءُوفِ الرَّحِيمِ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا * صَلاَةً نَجِدُهَا إِنْ شَاءَ اللهُ يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ حَمِيمٌ حَمِيمًا *

وَبَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ القَبُولُ بِالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْرُونًا * وَالنَّجَاحُ لِمُوَاصَلَتِهَا عَلَيْهِ * عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ* لِقَائِلِهَا مَضْمُونًا

وَرَأَيْتُ أَنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الدَّخَائِرِ وَأَسْنَاهَا * وَمِنْ أَشْرَفِ الوَسَائِلِ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَأَقْوَاهَا * وَأَنَّهَا  فِي ذُنُوبِ أُمَّتِهِ شَافِعَةٌ وَفِي الدَّارَيْنِ لِلْمُوَاضِبِ عَلَيْهَا نَافِعَةٌ.

وَاطَّلَعْتُ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الخَبَرِ الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ قَالَ:  » إِنَّ أَبْخَلَ البُخَلاَءِ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلِيَّ  » وَمَا وَرَدَ عَنْهُ أَيْضًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :  » مَنْ صَلَّى عَلَيِّ مَرَّةً وَاحِدَةً صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ عَشْرًا صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ مِائَةً، وَمَنْ صَلَّى عَلِيَّ مِائَةً صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ أَلْفَ مَرَّةٍ، وَمَثَلُ ذَلِكَ إِلَى مَا لاَ يَنْتَهِي فَضْلُهُ وَلاَ يُحْصَى وَلاَ يُتَتَبَّعُ ثَوَابُهُ وَلاَ يُسْتَقْصَى « .

فَتَعَلَّقْتُ بِذِيلِ أَسْبَابِهَا وَأَحْبَبْتُ أَنْ يُجْعَلَ لِي نَصِيبٌ فِي ثَوَابِهَا.

فَشَرَعْتُ فِي وَضْعِ تَاْلِيفٍ يَشْـَمِلُ عَلَى نُبَذٍ مِمَّا وَرَدَ فِي فَضْلِهَا العَمِيمِ وَتَرْغِيبًا لِأُمَّتِهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَدَيْهَا مِنَ الثَّوَابِ الجَسِيمِ رَجَاءً أَنْ تَشْمَلَنِي شَفَاعَتُهُ العُظْمَى وَاَنْ يَكْنِفَنِي بِكَنَفِهِ اَلأَرْبَى وَيَحْمِينِي بِحِمَاهُ اَلأَحْمَى.

وَجَعَلْتُهُ بِحَمْدِ اللهِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مَجْلِسًا. كُلُّ مَجْلِسٍ مِنْهَا يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلٍ فِي فَضْلِ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَصْلِيَّةٍ تُشَوِّقُ السَّامِعَ إِلَى مَا لَدَيْهِ وَقَصِيدَة لِلْمُؤَلِّفِ فِي مَدْحِهِ حُبًّا مِنْهً وَشَوْقًا إِلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ وَمَجَّدَ وَعَظَّمَ.

وَسَمَّيْتُهُ ب:

وَسِيلَة المُتَوَسِّلِينَ بِفَضْلِ الصَّلاَةِ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ –صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ وَمَجَّدَ وَعَظَّمَ وَوَالَى عَلَيْهِ وَأَنْعَمَ

وَهَا أَنَا ابْتَدِئُ مَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ وَعَلَى اللهِ تَعَلَآ التَّمامُ وَالقَبُولُ وَمِنْهُ أَرْغَبُ جَلَّ وَعَلاَ بُلُوغَ الغَرَضِ فِي وَضْعِهِ وَالمَأْمُولَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.

المجلس الأوّل

المجلس الأول من مجالس سيدي العروسي

المجلس الأول من مجالس سيدي العروسي

بسم الله الرحمن الرحيم              

الفصل الأوّل

بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بل النّبيّ الكريم وما ورد فيها من الفضل العظيم، صلّى الله عليه وسلّم:

عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: « كُنْتُ أَخِيطُ شَيْئًا فِي السَّحَرِ، فَسَقَطَتِ الإِبْرَةُ مِنْ يَدِي وَطُفِئَ السِّرَاجُ. فَدَخَلَ المُصْطَفَى-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَاءَ البَيْتُ مِنْ ضِيَاءِ وَجْهِهِ الكَرِيمِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَوَجَدْتُ اِلإبْرَةَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَضْوَأ وَجْهِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لِي: يَا عَائِشَةَ، الوَيْلُ لِمَنْ لَمْ يَرَنِي يَوْمَ القِيَامَةِ. فَقُلْتُ: وَمَنِ الَّذِي لاَ يَرَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ فَقَالَ: البَخِيلُ. فَقُلْتُ: وَمَنِ الَبخِيلُ ؟ قَالَ: الذِي إِذَا ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّي عَلَيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وَمِنْهَا، مَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً مَرَّ بِالنَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ ضَبْيٌ قَدِ اصْطَادَهُ. فَأنْطَقَهُ اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ- إِنَّ لِي أَوْلاَدًا أَرْضِعُهُمْ وَهُمْ الآنَ جِيَاعٌ، وَهَذَا الرَّجُلُ قَدِ اصْطَادَنِي وَقَدِ انْصَدَعَ كَبْدِي عَلَى أَوْلاَدِي، فَمُرْهُ أَنْ يُطْلِقَنِي حَتَّى أُرْضِعَهُمْ وَأَعُودُ إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهَا المُصْطَفَى –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَإِنْ لَمْ تَعُدُنِي ؟ قَالَتْ: إِنْ لَمْ أَعُدِي، جَعَلَنِي اللهُ كَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّي عَلَيْكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلرَّجُلِ: َأطْلِقْ هَذَا الضَّبْيَ، وَأَنَا ضَامِنُهُ. فَذَهَبَ الضَّبْيُ وَأَرْضَعَ أَوْلاَدَهُ ثُمَّ عَادَ إِلَى ضَامِنِهِ المُصْطَفَى –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَنَزَلَ جِبْرِيلُ –عَلَيْهِ السَّلاَمُ- عَلَى النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ لَهُ: العَلِيُّ اَلأعْلَى يُقْرِؤُكَ السَّلاَمُ وَيَخُصُّكَ بِالتَّحِيَّةِ وَالإِكْرَامِ، ,َيَقُولُ لَكَ: مُرْ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَتْرُكَ هَذَا الضَّبْيَ. فَانْفَتَلَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الرَّجُلِ وَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ ؟ قَالَ: وَمَاهُوَ ؟ قَالَ: أَطْلِقْ هَذَا الضَّبْيَ. قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. وَاللهِ لاَ أَطْلُبُ أَثَرًا بَعْدَ حِين. أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمْ. فَشهَرَ المُصْطَفَى –عَلَيْهِ السَّلاَمُ- بِإِسْلاَمِهِ وَزَوَّدَهُ وَانْصَرَفَ وَانْطَلَقَ الضَّبْيُ وَهُوَ يَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا زِينَ القِيَامَةِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَن هُوَ مَخْصُوصٌ بِالشَّفَاَعةِ.

وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ –رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ مَجْلِسٍ يُصَلِّي فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ تَتَرَاجَى لَهُ رَائِحَةٌ تَتَارَجُ طَيِّبَةٌ حَتَّى تَبْلُغُ كِنَانَ السَّمَاءِ فَتَقُولُ المَلاَئِكَةُ: هَذِهِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ مِنْ مَجْلِسٍ صَلِّيَ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاَ يَجِدُ تِلْكَ الرَّائِحَةَ مَلَكٌ وَلاَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ -تَعَالَى- فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، إِلاَّ اسْتَغْفَرَ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ المَجْلِسِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ وَمَجَّدَ وَعَظَّمَ وَوَالَى عَلَيْهِ وَأَنْعَمَ…

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

هَذَا الحَبِيبُ رَسُولُ اللهِ عُدِّتُنَا * هَذَا رَسُولُ الهِ العَرْشِ مَوْلاَنَا

صَلُّوا عَلَيْهِ عِبَادَ اللهِ وَاجْتَسِرُو * فَإِنْ ذَاكَ بِهِ الرَّحْمَانُ أَوْصَانَا

وَعَظِّمُوا سَيِّدَ الكَوْنَيْنِ كُلَّكُمُ * وَرَدِّدُوا ذِكْرَهُ سِرًّا وَإِعْلاَنَا

إِخْوَانِي صَلُّوا عَلَى هَذَا النَّبِيِّ * الكَرِيمِ، صَلُّوا عَلَى الهَادِي

إِلَى الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِ المَكَانَةِ وَالجَلاَلِ وَالرِّفْعَةِ وَالكَمَالِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّفَ وَكَرَّمْ، وَمَجَّدَ وَعَظَّمْ، وَوَالَى عَلَيْهِ وَأَنْعَمْ.

يَا رَبِّ صَلِّ وَسَلَّـمْ دَائِمًا أَبَدَا * عَلَى  شَفِيعِ  الوَرَى  وَكُلِّ مَنْ تَبِعًا

لَطَيْبَةٍ طَالَ شَوْقِي هَلْ أَرَى أَرَبِي*وَيَفْرَحُ القَلْبُ يُحْضَى بِالنَّبِيِّ العَرَبِي

فَهُوَ المُرَادُ وَمِنْ كُلِّ الوَرَى طَلَبِي * يَا  أُمَّةً    لِنَبِيِّ    نُورُهُ     سَطَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

هَذَا الحَبِيبُ تَــرْجُوهُ أُمَّتَهُ * هَذَا الوَجِيـهُ الَّذِي تُنْجِي مَحَبَّتَـهُ

هَذَا المَكِينُ الَّذِي تُغْنِي مَوَدَّتُهُ * هَذَا النَّبِيُّ بِالهُدَى وَالدِّينِ قَدْ صَدَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

هَذَا الَّذِي فَاقَ فِي خَلُقٍ وَفِي شِيَمِ*وَفِي كَمَالٍ وَفِي هَدْيٍ وَفِي حِكَمِ

إِلَيْهِ دُنْيَا وَأُخْرَى مَلْجَا الأُمَمِ  *  يُوَلِّي الهُدَى وَالنِّدَا وَالحُكْمَ وَالوَرَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

لِلَّهِ كَمْ بَرَكَاتٍ لِلرَّسُولِ بَدَتْ*وَمُعْجِزَاتٍ تَمَادَتْ فِي الأُولَى وَغَدَتْ

تَوْرِيَةُ مُوسَى بِبَعْثِ المُصْطَفَى شَهِدَتْ*وَكُلَّ طَاعٍ بِأَقْصَا جُهْدَهُ خَضَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

أَضْحَتْ مَعَانِيهِ لِلْعَادَاتِ خَارِفَةٌ * وَلِلْمُعَانِـــدِ بِالإِعْجَازِ قَاهِرَهُ

مَنْ ذَا تُكَلِّمُهُ الأَشْجَارُ نَاطِقَةٌ * إِلاَّ الحَبِيبُ الَّذِي بِالفَضْلِ قَدْ بَرَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

فَهُوَ الَّذِي بَهَــرَتْ أَنْوَارُ طَلْعَتِهِ * وَكَمْ دَلِيلٍ شَفَا مِنْ سَقْمِ عِلَّتِهِ

جَاءَ البَعِيرُ شَكَى  مِنْ ضُعْفِ قُوَّتِهِ * وَدَمْعُهُ سَاجِمٌ فِي خَدِّهِ هَـمَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

مُحَمَّدٌ مَا لَهُ مِثْلٌ يُشَابِــهُـهُ * مُحَمَّدٌ سَيِّدٌ جَلَّتْ  مَــرَاتِبُهُ

هَذَا الحَبِيبُ الَّذِي أَغْنَتْ مَوَاهِبُهُ * وَعَزَّ مِقْدَارُهُ فِي المَجْدِ وَارْتَفَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

فِي يَوْمِ بَدْرٍ لَهُ الكُفَّارُ قَدْ خَضَعَتْ * حَقًّا وَفِيهِ مَعَالِي الِشِّرْكِ قَدْ وُضِعَتْ

وَرَدَّ فِيهِ بَـــرِيءٌ مُقْلَةٍ قُلِعَتْ * بِالسَّهْمِ حَتَّى كَأَنَّ الطَّرْفَ مَا انْصَدَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

هَذَا الَّذِي دِينُهُ بِالحَقِّ قَدْ ظَهَرَا * هَذَا الَّذِي جُودُهُ قَدْ عَمَّ وَاشْتَهَرَا

َأبُو المَسَاكِينِ وَالأَيْتَامَ وَالفُقَرَا * قَدْ سَــدَّ فَاَقةَ مُحْتَاجٍ وَكَمْ نَفَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

لَهُ الكَرَامَةُ فِي الدُّنْيَا مُعَايَنَةً * وَيَوْمَ حَشْرِ الوَرَى وَالخَلْقُ جَاثِيَّةً

تَرَى شَفَاعَتَهُ اَلأوْزَارَ مَاحِيَّةً * وَيَكْسِي أُمَّتَهُ مِنْ بُـرْدِهَا خِلَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

يَأْتِي إِلَى الرَّبِّ وَالمَخْلُوقُ قَدْ حُدِقُوا * بِهِ يَلُودُونَ حَقًّا نِعْـمَ  مَا وَثِقُوا

يَقُولُ مَوْلاَيَ أَهْلُ الذَّنْبِ قَدْ حُرِقُوا * وَعَدْتَنِي بِالرِّضَى فِي كُلِّ مَنْ تَبِعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

فَيُعْطَى فِينَا مُنَاهُ سَيِّدُ الرُّسُلِ * خَيْرُ البَـــرِيئَةِ مِنْ عَالٍ وَمِنْ سَفَلِ

لَمَّا يُنَادِيهِ مَوْلاَهُ وَاحِدٌ أَزَلِي *  سَلْ تُعْطَى وَاشْفَعْ تَشْفَعْ سَيِّدَ الشَّفَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

يَا سَيِّدَ الخَلْقِ وَالمَلاَكِ وَالبَشَرِ * يَا مُنْتَقَى مِنْ صَـمِيمِ العُرْبِ مِنْ مُضَرِ

يَا أَكْرَمَ الخَلْقِ مِنْ بَدْرٍ وَمِنْ حَضَرِ * يَا خَيْرَ  مَنْ لاَ لَهُ العَرْشِ قَدْ خَضَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

هَذَا العُبَيْدُ الَفقِيرُ الحَالِ  هَـمَّتَكُمْ * رَجَى وَهَلْ هُوَ إِلاَّ رِقُّ خِـدْمَتَكُمْ

وَالخَيْرُ وَالجُودُ وَالإِحْسَانُ شَيْمَتُكُمْ * فَاشْفَعْ لِ‘َبْدٍ إِلَى َأمْدَاحِكَ انْقَطَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

يَا ذَا الجَلاَلِ وَيَا مَنْ فَضْلُهُ عُلِمَا * َأغْفِرْ لِسَامِعِنَا يَا َأكْرَمَ الكُــرَمَا

وَامْنُنْ وَجُودْ بِالرِّضَى يَا خَيْرَ مَنْ رَحِمَا * لِلْوَالِدَيْنِ بِهَادٍ لِلْوَرَى جُمَعَا

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

وَصِلْ صَلاَتِكَ يَا ذَا الجُودِ وَالعَظَمِ * عَلَى النَّبِيِّ الكَرِيمِ الظَّاهِـرِ الشِّيَمِ

مَا أَوْمَضَى الَبرْقُ فِي ذَاجٍ مِنَ الظَّلَمِ * وَمَا سَرَى البَدْرُ فِي أُفُقٍ وَمَا طَلَعَ

صَلُّوا عَلَى المُصْطَفَى * يَا كُلَّ مَنْ سَمِعَا…

  صَلاَتُكَ رَبِّ وَالسَّلاَمُ  عَلَى النَّبِيِّ * صَلاَةَ مُحِبٍّ عَاشِقٍ  لِحَبِيبِــهِ

سَلُوا هَلْ سَلاَ صَبُّ لِبُعْـدِ حَبِيبِهِ * وَهَلْ أَخْمَدَ التِّذْكَارُ فَرْطَ وَجِيبِهِ

وَكَيْفَ إِلَى السَّلْوَ أَنْ يَطْمَعَ مَنْ لَهُ * فُؤَادٌ لَهُ ذَوْبٌ لِحَـــرِّ  لَهِيبِهِ

لَهُ اللهُ مَنْ صَبَّ تَــمْلِكُهُ الهَوَى * وَأَعْضَلَ مَا يَلْقَاهُ طِبُّ طَبِيبِــهِ

مَا هِيَ مِنْ خَمْــرِ المَحِبَّةِ َأكْيُسَا * وَمَا هِيَ إِلاَّ فِي الهَوَى مِنْ نَصِيبِهِ

فَيَا َأهْلَ وَدِّي   عَطْفَةً وَتَكَــرُّمَا * لِخَلْقٍ أَسَادَ فِي الفُؤَادِ  حَبِيبِـهِ

وَمُنُّوا وَلَوْ بِالظَّيْفِ فِي سِنَّةِ الكَرَا * عَلَيْهِ وَدَاقُ وَقَلْبَهُ مِنْ لَـهِيبِــهِ

وَمَا ضَرَّكُمْ َأنْ تَرْحَمُوهُ بِقُرْبِكُمْ * وَهَلْ سَادَتِي فِي الحُبِّ أَنْ تَرْفُقُوا بِهِ

فَكَمْ عَادِلٍ أَضْحَى مُـرِفًّا لِحَالِهِ * وَكَمْ شَامِةٍ قَدْ شَفَــهُ مِنْ خُطُوبِهِ

وَكَمْ قَابِلٍ لَمَّا رَءَاهُ مُوَالَّـــهَا * يُمَيِّلُ مِنْ ذَاتِ الصَّبَا  وَهُبُوبِــهِ

لَئِنْ صَقْتَ ذَرْعًا فَاجْعَلِ العِيسَ قَاصِدًا* إِلَى المُصْطَفَى عَالِي الجَنَابِ رَحِيبِهِ

وَقِفْ خَاضِعًا لِبَابِيـــــهِ مُتَذَلِّلاً * لِيُشْفَى مُحِبُّ مَغْرَمٌ مِنْ حَبِيبِهِ

وَنَادِ وَقُلْ يَا أَكْـــرَمَ الخَلْقِ مُذْنِبٌ * إِلَيْكَ أَتَى مُسْتَشْفِعًا مِنْ ذُنُوبِهِ

وَأُمِّ ِإلَى بَابِ الكَرِيمِ   مُــــرَوِّعًا * يُرَجَّى اغْتِفَارًا عِنْدَ نَشْرِ عُيُوبِهِ

أَلَسْتَ حَبِيبَ اللهِ خَاتِــــمَ رُسُلِهِ * وَمَنْ خُصَّ مِنْ كُلِّ السَّنَا بِعَجِيبِهِ

َألَسْتَ الَّذِي أُرْسِلْتَ لِلنَّاسِ رَحْــمَةً * لَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْ كُلِّ مَا يَهْزِءُ بِهِ

َألَسْتَ الَّذِي قَدْ كَلَّـــمَتْهُ جَنَادِلُ * وَمَا شِئْتَ مِنْ صَبِّ الفَلاَ ثُمَّ ذِيبِهِ

أَلَسْتَ الَّذِي قَدْ شَقَّ بَدْرُ السَّــمَا لَهُ * وَوَافَهُ قُرْصُ الشَّمْسِ بَعْدَ مَغِيبِهِ

أَلَسْتَ الَّذِي فِي كَفِّـهِ سَبْحَ الحَصَا * وَأَرْوَى الوَفَ الجَيْشِ عَذْبَ سَكِيبِهِ

َألَسْتَ الَّذِي قَدْ حَنَّ جَــدْعٌ لِفَقْدِهِ * وََأبْكَ َأنِينًا مُعْلِنًا بِنَجِيبِــــهِ

َألَسْتَ الَّذِي قَدْ جَاءَ يَشْكُوا لِجَاهِـهِ * بَعِيرٌ لِمَا قَدْ نَالَهُ مِنْ كُرُوبِــهِ

أَلَسْتَ الَّذِي جَاءَ الكِتَابُ بِفَضْلِــهِ * فَأُمَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَهْتَدُوا بِـــهِ

وَمَا عَسَى  أَنْ  اَثْنَى  وَلَوْ  كُنْتَ  ءَاتِيًا * بِجُمْلَةِ أَنْوَاعِ الثَّنَا وَطُرُوبِــهِ

وَلَوْ أَنَّ البَحْــــرَ المُحِيطَ وَجَرْمَهُ * مِدَادًا وَتِفْدَادُ الوَرَى يَكْتُبُو بِـهِ

لَمَّا جِئْتَ بِالمِعْشَارِ مِنْ عُشْــرِ مَا بِهِ * خُصِّصَتْ بِمَعْهُودِ العُلاَ وَغَرِيبِهِ

أَيَا سَيِّدِي يَا عُمْـــدَتِي يَا دَخِيرَتِي * وَيَا سَنَدَ الرَّاجِي لِسَتْرِ عُيُوبِـهِ

وَيَا كَنَفِي يَوْمَ الحِسَابِ  وَعُـــدَّتِي * وَمَهْمَا اعْتَرْتَنِي شِدَّةٌ مَلْجَإِ بِـهِ

خُوَيْدِمُكَ العَبْدُ العَـــرُوسِيُّ رَاغِبًا * شَفَاعَتُكَ العُظْمَى لِكَشْفِ كُرُوبِهِ

وَقَدْ   جَاءَ     وَالآمَلُ     فِيكَ    قَوِيَّةً * لِتُنْفِذَهُ مِنْ مُوبِقَاتِ ذُنُوبِـــهِ

وَمَا غَيْرُ هَذَا المَـــدْحِ لِي مِنْ وَسِيلَةٍ * إِلَيْكَ وَإِنْ رِفْعَتِي شَــرَفِي بِهِ

فَلاَ تُخْزِنِي يَا خَيْـــرَ مَنْ وُطِئَ الحَصَا * وَحَقِّقْ لِعَبْدِ ظَنِّهِ فِي حَبِيبِـهِ

لِتُغْفِرَ أَوْزَارِي وَتُمْحَى جَــــرَائِمِي * وَيَصْبَ؛ُ قَلْبِي ءَامِنًا مِنْ وَجِيلِهِ

عَلَيْكَ   صَلاَةُ   اللهِ   مَا   هَبَّتِ  الصَّبَا * وَمَا اسْوَدَّ وَافدُ الأُفُقِ بَعْدَ مَشْيِهِ

وَءَالِكَ وَالأَصْحَابِ مَا نَاحَ طَائِـــرٌ * وَمَا نَمِّ زَهْرٌ فِي الرِّيَاضِ بِطِيبِهِ

*

إعداد: محمد بن أحمد باغلي