السيدة خديجة بنت خويلد، سيدة في تدبير الأعمال

السيدة خديجة بنت خويلد كَانَ أَبُو طَالِبٍٍ حَلِيفَ فَقْرٍ كَثِيرَ عِيَالٍ. لِذَلِكَ رَأَى أَنْ يَجِدَ لِابنِ أَخِيهِ، محمّد، يومًا سَبَبًا لِلرِّزْقِ أَوْسَعَ مِمَّا يَجِيئُهُ مِنْ أَصْحَابِ الغَنَمِ الَّتِي يَرْعَى. فَبَلَغَهُ يَوْمًا أَنَّ خَدِيجَةَ بِنْتُ خُوَيْلِد تَسْتَأْجِرُ رِجَالاً مِنْ قُرَيْش فِي تِجَارَتِهَا. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ امْرَأَةً تَاجِرَةً ذَات شَرَفٍ وَمَالٍ، تَسْتَأْجِرُ الرِّجَالَ فِي مَالِهَا، يُضَارِبُونَ لَهَا بِهِ بِشَيْءٍ تَجْعَلُهُ لَهُمْ. وَلَقَدْ زَادَ فِي ثَرْوَتِهَا أَنَّهَا، وَكَانَتْ مِنْ بَنِي أَسَد، قَدْ تَزَوَّجَتْ مَرَّتَيْنِ فِي بَنِي مَخْزُوم بِمَا جَعَلَهَا مِنْ أَوْفَرِ أَهْلِ مَكَّةَ غِنًى. وَكَانَتْ تَقُومُ عَلَى مَالِهَا بِمَعُونَةِ أَبِيهَا خُوَيْلِد وَبَعْضِ ذَوِي ثِقَتِهَا. وَقَدْ رَدَّتْ خِطْبَةَ الَّذِينَ خَطَبُوهَا مِنْ كِبَارِ قُرَيْشن لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى مَالِهَا، وَاعْتَزَمَتْ أَنْ تَقِفَ جُهْدَهَا عَلَى تَنْمِيَّةِ ثَرْوَتِهَا. وَإِذْ عَلِمَ أَبُو طَالِب أَنَّهَا تُجَهِّزُ لِخُرُوجِ تِجَارَتِهَا إِلَى الشَّامِ مَعَ القَافِلَةِ ننَادَى ابِنَ أَخِيهِ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ فِي الخَامِسَةِ وَالعِشْرِينَ مِنْ سِنِّهِ، وَقَالَ لَهُ: –       يَا بْنَ أَخِي، أَنَا رَجُلٌ لاَ مَالَ لِي، وَقَدِ اشْتَدَّ الزَّمَانُ عَلَيْنَا، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ خَدِيجَةَ اسْتَأْجَرَتْ فُلاَنًا بِبَكْرَيْنِ، وَلَسْنَا نَرْضَى لَكَ بِمِثْلِ مَا أَعْطَتْهُ. فَهَلْ لَكَ أَنْ أُكَلِّمَهَا ؟ قَالَ مُحَمَّدُ: –       مَا أَحْبَبْتَ ! فَخَرَجَ أَبُو طَالِب إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا: –       هَلْ لَكِ يَا خَدِيجَة أَنْ تَسْتَأْجِرِي محمّدًا ؟ فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّكِ اسْتَأْجَرْتِ فلانًا بِبَكْرَيْنِ، وَلَسْنَا نَرْضَى لِمُحَمَّد دُونَ َأرْبَعَة بِكَار. وَكَانَ جَوَابُ خَدِيجَة: –       لَوْ سَأَلْتَ ذَلِكَ لِبَعِيدٍ بَغِيضٍ فَعَلْنَا، فَكَيْفَ وَقَدْ سَأَلْتَهُ لِحَبِيبٍ قَرِيبٍ ! وَعَادَ العَمُّ إِلَى ابْنِ أَخِيهِ يَذْكُرُ لَهُ الأَمْرَ وَيَقُولُ لَهُ: –       هَذَا رِزْقٌ...

قراءة المزيد