1.4- فَمِنْهَا شَرْحُهُ الكَبِيرُ الَّذِي وَضَعَهُ (سيدي محمد بن يوسف السنوسي) عَلَى فَرَائِضِ الحَوْفِي وَسَمَّاهُ بِـ:
المُقَرَّبُ المُسْتَوْفِي
فِي شَرْحِ فَرَائِضِ الحَوْفِي
وَهُوَ كَبِيرُ الجَرْمِ وَكَثِيرُ العِلْمِ.
وَهُوَ أَوَّل ُمَا أَلَّفَ مِنَ الكُتُبِ،
أَلَّفَهُ وَهُوَ ابْنُ تِسْعَةِ عَشَرَ سَنَةً أَوْ ثَمَتانِيَّةِ عَشَرَ سَنَةً، عَلَى اضْطِرَبٍ فِي ذَلِكَ.
________________________
الحوفي:أحمد بن محمد بن خلف الحوفي المتوفى عام 588هـ الموافق في غرته 18 جانفي1192م – نَصَّ عَلَيْهِ الشّمنيّ فِي صَدْرِ شَرْحِهِ لِلْمُغْنِي
________________________
وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إِلَى ذَلِكَ فِي آخِرِ هَذَا الشَّرْحِ فَقَالَ:
» كُنْتُ جَمَعْتُ هَذَا التَّقْيِيدَ فِي زَمَانِ الصِّغَرِ قَاصِدًا بِذَلِكَ نَفْعَ نَفْسِي لِعَدَمِ تَمَكُّنِي مِنْ شَرْحٍ أَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى فَهْمِ هَذَا الكِتَابِ. فَصِرْتُ أَجْمَعُ مَا أَسْمَعُهُ مِنَ القِرَاءَةِ مِنْ أَشْيَاخِي وَأَضَمُّ ِإلَى ذَلِكَ مَا اسْتَحْسَنُهُ مِنْ كَلاَمِ بَعْضِ شُرَّاحِهِ. وَأَكْثَرُ مَا كُنْتُ أَعْتَنِي بِهِ كَلاَمُ شَارِحِهِ الشَّيْخُ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ العَلَمُ ذَوِي الآرَاءِ العَجِيبَةِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الفَائِقَةِ الغَرِيبَةِ، أَبِي عُثْمَانِ سَعِيدِ العُقْبَانِي –غَفَرَ اللهُ لَهُ وَرَقَّاهُ الدَّرَجَاتَ العُلَى بِمَنِّهِ-. فَإِنَّهُ شَرْحٌ تَقِفُ عُقُولُ النُّجَبَاءِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَرَ الرَّاءُونَ وَلاَ يَرَوْنَ، وَاللهُ أَعْلَمُ مِثْلَهُ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ.
وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا التَّقْيِيدُ كَثِيرًا مِنْ فَوَائِدِهِ إِذْ كَانَ عَلَيْهِ مُعْتَمِدُهُ فِي إِيضَاحِ فِقْهِ الكِتَابِ وَبَيَانِ مَا دَقَّ فِيهِ مِنْ حِسَابٍ مَعَ اخْتِصَارٍ كَثِيرٍ مِمَّا يَسْتَغْنَى عَنْهُ فِيهِ؛ وَزِيَادَةُ إِيضَاحٍ لِمَسَائِلٍ يُوَضِّحُ صُوَرَهَا؛ وَإزَالَةُ الحُجُبِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ مُشْكِلِهَا. فَهُوَ جَدِيرٌ بِتَحْصِيلِ الغَرَضِ لِمُتَأَمِّلِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ -تَعَالَى-.
وَاللهَ أَسْأَلُ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ، وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ كَتَبَهُ أَوْ نَظَرَ فِيهِ أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.«
انتهى كَلاَمُ الشَّيْخِ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَفَعَنَا بِهِ-.
قُلْتُ:
وَلَمَّا فَرَغَ الشَّيْخُ –رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ جَمْعِ هَذَا التَّقْيِيدِ، أَطْلَعَ عَلَيْهِ الشَّيْخَ الوَلِيَّ العَارِفَ بِاللهِ –تَعَالَى- سِيدِي الحَسَن ابْنُ مَخْلُوفِ، الشَّهِيرِ بِأَبَرْكَان –رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ-. فَنَظَرَ إِلَيهِ وَتَأَمَّلَهُ كُلَّهُ، فَأَعْجَبَهُ كَثِيرًا، ثُمَّ أَمَرَ بِإِخْفَائِهِ وَعَدَمِ ظُهُورِهِ
وَقَالَ: – لاَ تُظْهِرُوا هَذَا الشَّرْحَ إِلاَّ بَعْدَ حِينٍ !
وَأَظُنُّهُ قَالَ: – حَتَّى يَبْلُغَ عُمْرُ المُؤَلِّفِ أَرْبَعِينَ سَنَةً !
وَقَالَ: – هَذَا الشَّرْحُ لاَ نَظِيرَ لَهُ فِيمَا عَلِمْتُ، فَإِذَا ظَهَرَ فِي هَذَا اليَوْمِ مَعَ صِغَرِ سِنِّ المُؤَلِّفِ، رُبَّمَا يُحْسَدُ عَلَيْهِ وَتُصِيبُهُ العَيْنُ.
أَوْ كَمَا قَالَ.
فَلَمْ يَظْهَرْ هَذَا الشَّرْحُ إِلاَّ بَعْدَ حِينٍ.
وَأَثْنَى الشَّيْخُ سِيدِي الحَسَنِ عَلَيْهِ كَثِيرًا وَدَعَى لِمُؤَلِفِهِ كَثِيرًا –رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَحشَرَنَا فِي زُمْرَتِهِمَا.-
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ سِيدِي الحَسَنِ أَبَرْكَان، كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا سِيدِي مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السَّنُوسِي –رَحِمَهُ اللهُ وَنَفَعَ بِهِ- تَبَسَّمَ فِي وَجْهِهِ وَفَاتَحَهُ بِالكَلاَمِ ثُمَّ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ لَهُ: » جَعَلَكَ اللهُ مِنَ أَئِمَّةِ المُتَّقِينَ «
فَقَدْ أَجَابَ اللهُ دَعْوَتَهُ وَحَقَّقَ فِيهِ فَرَاسَتَهُ –رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَعَنْ جَمِيعِ أَوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالَى وَحَشَرَنَا فِي زُمْرَتِهِمْ وَنَفَعَنَا بِهِمْ-
قُلْتُ:
وَالحَوْفِي، هُوَ بِفَتْحِ الحَاءِ المُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الوَاوِ. وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشّمنيّ فِي صَدْرِ شَرْحِهِ لِلْمُغْنِي.
المقرب المستوفي في شرح فرائض الحوفي للسنوسي
من مخطوطة بالمكتبة الوطنية بالجزائر
رقم 1450/2 من صفحة10 إلى 237
إعداد وتحقيق: محمد بن أحمد باغلي
أحدث التعليقات