اِبْنُ زَكْرِي

هُوَ سِيدِي أَحْمَد بن محمد بن زكري التّلمساني

المعروف بابن زكري

وُلِدَ وَنَشَأَ وَتُوُفِّيَ بِتِلِمْسَان

في أوائل صفر عام تسع مائة إلاّ سنة هجري

الموافق 2 أكتوبر 1494م

مدرستُهُ وَمَسْجِدُهَا بِحَيّ باب الحديد بتلمسان

أَخَذَ ابْنُ زَكْرِي عَنْ

سِيدِ أَحْمَد بن زَاغُو

سيدي محمد ابن العباس

ابن مرزوق الحفيد

قاسم العقباني

وَمِمَّن أَخَذَ عَن اِبْنِ زَكْرِي:

سيدي محمد بن مرزوق حفيد الحفيد

سيدي أحمد بن الحاج المناوي الورنيدي

سيدي أحمد زرّوق

سيدي أحمد أطاع الله

 

مُؤَلَّفَات ابن زكري

في علم الكلام:المَنْظُومَةُ الكُبْرَى(1500 بيت)المسمَّاة:

« مُحَصَّلُ المَقَاصِدِ مِمَّا بِهِ تعْتَبِرُ العَقَائِد »

في علم التّوحيد:

« بُغْيَةُ الطُّلاَّبِ فِي شَرْحِ عَقَائِدِ ابْنِ الحَاجِبِ »

في علم أصول الفقه:

« غَايَةُ المٍََامِ في شَرْحِ « الوَرَقَات » لإمام الحرمين الجُوَيْنِي »

في علم الحساب والفلك،

أرجوزة في حساب المنازل والبروج

.

قصص للذكرى حول ابن زكري

قصة ابن زكري في حرفته

قصة أحمد بن زاغوا مع ابن زكري طفلا
قصة ابن العبّاس مع ابن زكري في مدرسة العبّاد

قصة ابن زكري خلال جلسة تفسير « إنّا فَتَحْنَا لَكَ
قصة ابن زكري أمام السلطان أبي عبد الله المتوكّل « ابن ذراعه

قصة مؤذن المسجد الأعظم في صلاة الفجر ليوم مثلج

قصة علاقة ابن زكري وسيدي محمد بن يوسف السنوسي في العقائد والمنطق والسلطة

قصة علاقة ابن زكري وسيدي محمد بن يوسف السنوسي في العقائد والمنطق والسلطة

–        جَاءَ أبو عبد الله الملاّلي بأوصاف عن شيخه السنوسي في كتابه: »المواهب القدسيّة في المناقب السّنوسيّة »:

…وَقَعَ لَهُ وَقَائِعُ مِمَّنْ يَدَّعِي أَنَّهُ أَعْلَمُ أَهْل الأَرْضِ لِيَنْقُصَهُ، فَمَا بَالَى بِهِ. وَلَمَّا أَلَّفَ بَعْضَ عَقَائِدِهِ أَنْكَرَ عَلََيْهِ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ وَقْتِهِ وَتَكَلَّمُوا بِمَا لاَ يَلِيقُ. فَتَغَيَّرَ لِذَلِكَ كَثِيرًا وَحَزَنَ أَيَّامًا، ثُمَّ رَأَى فِي مَنَامِهِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَاقِفًا عَلَى رَأْسِهِ، بِيَدِهِ سَيْفٌ أَوْ عَصَى، فَهَزَّهَا عَلَى رَأْسِهِ وَهَدَّدَهُ بِهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: مَا هَذَا الخَوْفُ مِنَ النَّاسِ؟

فََأصْبَحَ وَقَدْ زَالَ حُزْنَهُ وَاشْتَدَّ قَلْبُهُ عَلَى المُنْكَرِينَ.

فَخرَسَتْ حِينَئِذٍ أَلْسِنَتُهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ وَسَمَحَ.

فَأَقَرُّوا بِفَضْلِهِ…

وَأَتَاهُ فِي مَرَضِهِ بَعْضُ مَنْ ذَمُّهُ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ.

فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَسْمَحَ لَهُ فِي إِسَاءَتِهِ، فَغَفَرَ لَهُ وَدَعَا لَهُ…وَلَمَّا مَاتَ، بَكَى عَلَيْهِ هَذَا العَالَمُ شَدِيدًا وَتَأَلَّمَ.

وَمَتَى ذَكَرَهُ، بَكَى عَلَيْهِ وَيَقُولُ: فَقَدْتُ الدُّنْيَا بِفَقْدِهِ.

وَسَمِعْتُهُ يَثْنِي كَثِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ مِمَّنْ يَذُمُّونَهُ وَيُسِيئُونَ إِلَيْهِ.

–        من كتاب محمد أبي راس الرّاشدي الجزائري: « فتحُ الإِلَهِ وَمِنَّتُهُ فِي التَّحَدُّثِ بِفَضْلِ رَبِّي وَنِعْمَتِهِ »

وَسُئِلْتُ بِ »أُورِين » إِحْدَى جُزُرِ البَحْرِ عَمَّا جَرَى بَيْنَ الإِمَامَيْنِ: الشيَّخُ السَّنُوسِي وَالشَّيْخُ أَحْمَد بْن زَكْرِي، مَعَ كَوْنِهِمَا شَيْخَيْنِ شَامِخَيْنِ رَاسِخَيْنِ

وَذَلِكَ أَنَّ السَّنُوسِي رَدَّ عَلَى ابْنِ زَكْرِي مَا رَدَّهُ عَلَيْهِ فِي « فَصْلِ الرُّؤْيَا » بِقَوْلِهِ:

« قُلْتُ: وَلاَ يَخْفَى عَلَيْكَ فَسَادَ هَذَا الرَّدِّ مِنَ الاِخْتِلاَلِ، لَوْ أَنْصَفَ لَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ القَائِلِ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُ الاِخْتِلاَلَ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الآفَاتِ فِي المَقَالِ » هـ

فَكَتَبَ عَلَيْهِ السَّنُوسِي مَا نَصُّهُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَدْ عَلِمَ أَنَّ الدَّعَاوِي لاَ تََثْبُتُ إِلاَّ بِالبَيِّنَاتِ، لاَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ المُدَّعِي. فَالمُصَنِّفُ قَدْ حَكَمَ بِالاِخْتِلاَلِ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ سَاقَ بَيِّنَةً قَطْعِيَّةً لاَ يُمْكِنُ رَدُّهَا. وَأَنْتَ حَكَمْتَ عَلَى قَوْلِهِ بِالاِخْتِلاَلِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ سِوَى مَا أَتَيْتَ بِهِ مِنَ الاِخْتِلاَلِ فِي الطُّرَّةِ. فَزِدْتَ بِهَا اخْتِلاَلاً إِلَى  اخْتِلاَلٍ. وَمَا قَوْلُكَ : « لَوْ أَنْصَفَ » إلخ… فَهُوَ مِمَّا لاَ يَرْضَى مَقَالَتَهُ إِلاَّ سَخِيفُ العَقْلِ، إِذِ الفَضْلُ إِنَّمَا يُقَرِّرُهُ لِلإنْسَانِ غَيْرُهُ، لاَ هُوَ، إِذْ أَهْلُ الفَضْلِ بَرَاءٌ مِنْ مَدْحِ أَنْفُسِهِمْ وَتَزْكِيَتِهَا، لاَ سِيَمَا مِثْلَ الهَوْسِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ. »

وَوَقَعَ بَيْنَهُمَا كَلاَمٌ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ: »وَالجَمْعُ العَام » إلخ…قَالَ ابْنُ زَكْرِي:

« قِفْ عَلَى هَذَا التَّهَافُتِ، فَقَدْ قُدِّمَ أَنَّ الجَمْعَ مُسْتَغْرِقٌ، فَلَمْ يَفْهَمْ مَدَارِكَ القَوْمِ، فَأَخَذَ فِي التَّخْلِيطِ. وَالبَحْثُ إِنَّمَا سَنَدَهُ مَا أُقَرِّرُهُ الآنَ، لَوْ عَقِلَ عَنْ بَصِيرَةٍ ؛ فَهُوَ جَدِيرُ أَنْ يَكُونَ صَبِيًّا، عَرَّفَنَا اللهُ عُيُوبَنَا.

وَالإِلْزَامُ نَشَأَ ‘َنْ عَكْسِ الفِطْرَةِ، فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الشَّخْصِيَّةُ ,َالجُزْئِيَّةُ بِخَلْطِ الأَمْرِ، وَلاَ يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي صِدْقِ « لاَ رِجَالَ فِي الدَّارِ » عَلَى ثَلاَثَةِ فََأكْثَرَ.

فَإِنْ لَمْ تَدُلّْ عَلَى نَفْيِ الوَاحِدِ، لَمْ يَتَنَاقَضْ مَا فَرَضَ، إِذْ لاَ تَنَاقُضُ بَيْنَ جُزْئِيَّتَيْنِ. وَالتَّعْمِيمُ غَيْرُ لاَزِمِ إِلاَّ فِي الشَّخْصِيَّاتِ. نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ التَّخْلِيطِ » هـ

قَالَ السَّنُوسِي: »عَجَبًا لِهَذَا المُعْتَرِضِ. جَاءَ بِشَيْءٍ لاَ يَفُوهُ بِهِ مَنْ لَهُ أَدْنَى مُشَارَكَةٍ فِي المَعْقُولِ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يَصْدُرُ مِنْ مِثْلِهِ، فَأَقُولُ: كَيْفَ زَعَمْتَ التَّهَافُتَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا فِيهِ لِمَا قَدَّمَ المُصَنِّفُ مِنَ اسْتِغْرَاقِ الجَمْعِ. وَلاَ يَفُوهُ بِهَذَا إِلاَّ مَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ. وَكَيْفَ يَصِحُّ لِكُلِّ أَنْ تَبْقَى عَلَى عَمَايَتِكَ الأُولَى الَّتِي تَضَمَّنَهَا الرَّدُّ فِي الأَصْلِ مَعَ غَايَةِ البَيَانِ الَّذِي فِي الأَصْلِ. وَالمُصَنِّفُ بَيْنَ البَيَانِ الشَّافِي الَّذِي يَفْهَمُهُ أَصَاغِرُ الصِّبْيَانِ.

وَإِنَّ دَعْوَاكَ سلب العموم في الجمع المُذَكَّر بَاطِلَةٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، أَيْ سَوَاءٌ بَنَيْنَا عَلَى رَأْيِ السِّكَاكِيّ فِي خُرُوجِ الوَاحِدِ وَالمُثَنَّى مِنْهُ، أَوْ عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِ فِي عَدَمِ الخُرُوجِ. وَإِنَّ اللَّفْظَ مِنْ بَابِ « القَضِيَّةِ الكُلِّيَّةِ » السَّالِبَةِ، لاَ « الجُزْئِيَّةِ السَّالِبَةِ » عَلَى كِلاَ التَّقْدِيرَيْنِ. وٌََدْ زَعَمْتَ –أَنْتَ-  بِفَهْمِكَ الرَّكِيكِ أَنَّ اللَّفْظَ عَلَى رَأْيِ السِّكَاكِي جُزْئِيَّة سَالِبَة، لاَ كُلِّيَّة سَالِبَة. فَرُدَّ عَلَيْكَ هَذَا الفَهْمَ عَقْلاً وَنَقْلاً.

أَمَّا نَقْلاً فَبِأَنْ لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ ؛ وَأَمَّا عَقْلاً –وَإِنْ كَانَ مُسْتَنْبَطًا مِنَ النَّقْلِ- فَمَلْزُومٌ أَنْ تُصَدِّقَ هَذِهِ القَضِيَّةَ بِمَوْضُوعٍ لاَ يَقُولُ أَحَدٌ بِصِدْقِهَا فِيهِ. فَيَلْزَمُ أَنْ يَصْدُقَ  قَوْلُنَا: »لاَ رِجَالَ فِي الدَّارِ »، إِذْ كَانَ فِيهَا رِجَالُ الدُّنْيَا كُلُّهُمْ. إِذَا غَابَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، لِاَنَّهَا جُزْئِيَّةٌ سَالِبَةٌ عَلَى زَعْمِكَ، فَهِيَ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا: « بَعْضُ الرِّجَالِ لَيْسَ فِي الدَّارِ » . وَلاَ شَكَّ أَنَّ هَذِهِ القَضِيَّةَ صَادِقَةٌ فِي هَذَا المَوْضِعِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَيَلْزِمُ ان مساويه –عَلَى زَعْمِكَ- كَذَلِكَ.

وَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى صِدْقِ الجُزْئِيَّة فِي ذَلِكَ المَوْضِعِ بِفَرْضِ مَوْضِعِهَا مُعَيَّنًا، لِيَكُونَ أَخَصّ وَصِدْقُهُ يَسْتَلْزِمْ صِدْق الأَعَمّ لاَ يُنَافِي جُزْئِيَّتَهَا، زَلاَ يَنْقُلُهَا إِلَى الشَّخْصِيَّةِ، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الاِسْتِدْلاَلِ، بِصِدْقِ الشَّخْصِيَّةِ عَلَى صِدْقِ الجُزْئِيَّةِ، لِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْهَا بِبُرْهَانِ الاِفْتِرَاضِ فِي القَضَايَا الجُزْئِيَّةِ فِي العُكُوسَاتِ وَالأَقْيَسَة المَنْطِقِيَّةِ.

وَلاَ يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي صِدْقِ « لاَ رِجَالَ » عَلَى ثَلاَثَةِ فَأَكْثَر، لِأَنَّ رَدَّ دَعْوَاكَ جُزْئِيَّة القَضِيَّة هَذَا لاَ تَمْنَحُ نَفْسَهَا الجُمُوعُ الثَّلاَثُ فَمَا فَوْقَهَا، بَلْ تَنْفِي بَعْضَ الجُمُوعِ لاَ بِعَيْنِهِ. وَإِلاَّ صَرَّحْتَ، عَلَى سَبِيلِ التَّأْكِيدِ، أَنَّ القَضِيَةَ تَنْفِي الجُمُوعَ كُلَّهَا الثَّلاَث، فَمَا فَوْقَهَا. فَهََّا هُوَ التَّهَاتُرُ، أَنْتَ تَفُوهُ بِهِ، وَلاَ تَشْعُرُ. »

—من كتاب محمد أبي راس الجزائري—: »فتح الإله ومنّته، في التّحدّث بفضل ربّي ونعمته » من تحقيق وضبط محمد بن عبد الكريم الجزائري – طبعة 1990 الجزائر ص 141-142

إعداد: محمد بن أحمد باغلي –