مساجد تلمسان
Liste des Mosquées de Tlemcen d’après une note communiquée par Sy-Hammady ben es-SEKKAL à Bargès lors de sa visite à Tlemcen en 1846 « TLEMCEN – Souvenirs de voyages- » p.421-422
-1-
جامع الكبير الأعظم
-2-
جامع سيدي أصعد
-3-
جامع الصّنعة
-4-
جامع الصبانين
-5-
جامع المدرس
-6-
جامع سيدي اليدون
-7-
جامع سيدي بلحسن في بني جملة
-8-
جامع سيدي أحمد بلحسن في بني جملة السفلي
-9-
جامع الكرسونة
-10-
جامع سيدي عبد السلام
-11-
جامع الشرفاء
-12-
جامع الغريبة في القرّان
-13-
جامع سيدي البرادعِ
-14-
جامع سيدي الشعار
-15-
جامع باب زير
-16-
جامع سيدي الاحسن
-17-
جامع سيدي الحلوي
-18-
جامع النور
-19-
جامع سيدي الجبار
-20-
جامع الحفرة
-21-
جامع سيدي الحبّاك
-22-
جامع سيدي محمد بن عيسى
-23-
جامع سيدي يعقوب
-24-
جامع الرّيا
-25-
جامع سيدي كيوان
-26-
جامع سيدي القلعي
-27-
جامع سيدي بن مرزوق
-28-
جامع سيدي حامد
-29-
جامع العقيبة
-30-
جامع سيدي المراغي
-31-
جامع درب المطرحين
-32-
جامع سيدي أنوار
-33-
جامع سيدي يعقوب في سويقة بن صالح
-34-
جامع سيدي الوزّان
-35-
جامع المرفودة
-36-
جامع سيدي عيّاد
-37-
جامع المدرسة في الرحيبة
-38-
جامع الحدّادين
-39-
جامع سيدي البنا
-40-
جامع سيدي محمد السنوسي
-41-
جامع السمّاط
-42-
جامع سيدي انصر
-43-
جامع بالّحْسَن
-44-
جامع درب بن مامي
-45-
جامع سيدي إبراهيم
-46-
جامع درب الجماير
-47-
جامع بابلان
-48-
جامع الغريبة
-49-
جامع سيدي عمران
-50-
جامع أولاد الإمام
-51-
جامع سيدي بوعبد الله
-52-
جامع سيدي مهمازي
-53-
جامع سيدي المازوني
-54-
جامع سيدي زكري
-55-
جامع سيدي بوزار
-56-
جامع المشور
-57-
جامع سيدي أبي مدين الغوث
-58-
جامع سيدي إبراهيم النعار
-59-
جامع سيدي بلعلي
-60-
جامع سيدي الهواري
-61-
جامع الكمّاد
_______________________________________________________________
• لمحة عن تاريخ تلمسان في عهد بني زيان :
أ- تلمسان قبل العهد الزياني:
تعتبر تلمسان مدينة أزلية عريقة في القدم ، تعود لأولى بدايات استقرار الإنسان في منطقة البحر الأبيض المتوسط و شمال غرب إفريقيا و ذلك ما تدل عليه مخلفات و بقايا الإنسان القديم في كل من كهوف بوهناق و القلعة و بني بوبلان(1) و لقد اتفق العلماء والمؤرخون على أن تاريخ تلمسان يمتد لأكثر من ألفي سنة قبل الآن ، وذلك نظرا للآثار التي وجدت في مدينة أغادير المتمثلة في الجدار الأزلي و الذي يرجح علماء الآثار انه يعود لفترة ما قبل الاستيطان الروماني حوالي 47 سنة قبل ميلاد المسيح عليه السلام (2) ، أي انه من بقايا بعض القبائل الزناتية التي حكمت المنطقة إبان الحكم النوميدي، تحت زعامة صفاقس ملك مملكة ماساسيليا و عاصمتها سيقا.
ولقد قام الملك صفاقس بضم مدينة أغادير إلى مملكته في القرن 03 ق.م و اعتمدها همزة وصل بين عاصمته سيقا الساحلية و المناطق الداخلية و مع نهاية القرن 02 ق.م مر بها بطل المقاومة الأمازيغية ضد الرومان يوغرطة Jugurtha. (3)
كما قام الرومان ببناء حصن في أغادير أطلقوا عليه اسم Pomaria ويعني مدينة بساتين التفاح و ذلك لتامين خطوط الليمس و هي الطريقان الرومانيان اللذان كانا يربطان مدينة قرطاجة شرقا بمدينة طنجة غربا أولهما يخترق التل و الثاني يعرج على مدينة ورجلان بوابة الصحراء و الذي يتلاقى حينها مع الطريق الأول عند بوماريا و هي الممر الوحيد آنذاك بين موريتانيا القيصرية في الشرق وموريتانيا الطنجية في الغرب ، و قد اعتنى الرومان بتعمير مدينة بوماريا فأقاموا سورا لحمايتها و زودوها بمختلف المنشآت و الخدمات الضرورية لحياة سكانها من الجنود و التجار، و الدليل على ذلك ما وجد في مقبرة اليهود بتلمسان ، حيث عثر على اسطوانة بها كتابات تنص على أن بوماريا أصبحت مدينة تتمتع كبقية المدن الرومانية الهامة بجميع مقوماتها و حقوقها السياسية في المواطنة الرومانية ( أي الجنسية الرومانية بالتعبير الحديث ) وذلك في عهد الاسكندر سيفر(4) ، كما عثر على كتابة أخرى بإحدى قطع الحجارة بأحد جدران الجزء الأسفل من صومعة أغادير تنص على وجود
___________________
(1) سيدي محمد نقادي ، تلمسان الذاكرة ، منشورات تالة ، الجزائر 2007 ، ص 09.
(2) op.cit., p 73. , Louis abadie
(3) سيدي محمد نقادي، المرجع نفسه، ص 09.
حمامات كانت بتلك المدينة و كانت خاصة بالجنود و قد رممها سيسيل يوس جوفينوس cecilius juvinus (1) ، و نصت كذلك على أن هؤلاء الجنود كانوا وثنيين يعبدون ربا يسمى اولسو مما يبين أن الديانة المسيحية حديثة العهد في بوماريا.
و من بين ما خلفه الرومان في تلمسان ، ساقية النصراني و هي عبارة عن قناة للمياه تمتد لا كثر من ستة أميال كانت تزود المدينة و بساتينها بالمياه العذبة و المنسدلة من شلالات لو رأيت ، و التي لازالت آثارها باقية لحد الآن و لقد تغنى بها العديد من الشعراء و الأدباء على غرار الشاعر الكبير ابن خميس التلمساني حيث يقول في قصيدته الحائية :
لساقية الرومي عندي مزية و إن رغمت تلك الرواسي الرواشح
فكم لي عليها من غدو و روحه تساعدني فيها المنى و المنايح(2)
_________________
(1) محمد بن عمرو الطمار ، المرجع السابق ،ص 15. انظر كذلك :
Pierre & canal : les villes d’Algérie : Tlemcen
(2) المرجع نفسه … ص 16.
لكن و مع بداية القرن السابع هجري الموافق للقرن الثالث عشر ميلادي ، بدا الضعف يدب في الخلافة الموحدية التي حكمت العدوتين الأندلس و المغرب معا ، بعد معركة العقاب ( 609 هجري / 1212 م ) ، و هي المعركة الفارقة في تاريخ الغرب الإسلامي و الأندلس بالأخص ، و التي أدت إلى ضياعه ، المدينة تلو الأخرى مما مهد لظهور فتن و اضطرابات كبيرة عجلت بظهور عدة طوائف، اهمها ستة دول قامت على أنقاض الإمبراطورية الموحدية و هي دول : بني مردنيش ، بني هود ، بني الأحمر في الأندلس ، وبني حفص ،بني مرين ،وبني زيان في المغرب الكبير. (1)
و لعل السبب الرئيسي في ولاية بني عبد الواد على تلمسان تلك الحادثة التي وقعت لمشيختهم مع أبو سعيد عثمان بن يعقوب ، احد إخوة الخليفة الموحدي المأمون إدريس بن يعقوب ( 624 – 630 هجري / 1214 – 1221 م) الذي أساء لهم و طردهم من أراضيهم و ديارهم ، و أهانهم و عذبهم و سجنهم بإيعاز من احد عماله الحاقدين على بني عبد الواد لما كان لهم من الخطوة و المكانة عند الموحدين ، فبرز حينها جابر بن يوسف كبير قوم بني عبد الواد الذي أنقذ الموقف ، و أرسل على اثر ذلك الولاء و الطاعة للخليفة الموحدي بمراكش بعدما اشتكى له من معاملة الوالي و بطانته ، فولاه حاكما شرعيا على إقليم تلمسان (2) ، و بذلك بدا عهد جديد في مدينة تلمسان عرفت فيه قيام دولة جديدة سيطرت على معظم أراضي المغرب الأوسط لأكثر من ثلاثة قرون متتالية.
ب- تلمسان في العهد الزياني:
بدا هذا العهد منذ سنة 627 هجري /1230 م ، حيث أصبحت تلمسان خاضعة لبني عبد الواد و كل ما هو تابع لها من إقليم بني راشد و إلى غاية تلمسان و احوازها ماعدا مدينة ند رومة التي امتنعت عن ذلك(3) و كانت سببا في مقتل الأمير جابر بن يوسف أثناء محاصرته لها ، ليتولى ابنه الحسن بن جابر إمارة تلمسان و القبيلة معا ،ثم تنازل بعدها لعمه عثمان بن يوسف ، غير انه كان مستبدا برأيه سيئ السيرة في قبيلته فعزلوه عام 613 هجري / 1234 م و عينوا مكانه أبو عزة زيدان بن زيان الذي التفت حوله القبائل و بطون بني عبد الواد إلا بني مطهر الذين اعترضوا عليه و قتلوه بعد حصاره لهم و بهذا تنتهي المرحلة الأولى من تأسيس الدولة الزيانية .
____________________
(1) محمد عياش ، الاستحكامات العسكرية المرينية ، رسالة ماجستير. جامعة الجزائر3
(2) عبد العزيز فيلالي ، تلمسان في العهد الزياني ، الجزء الثاني، موفم للنشر و التوزيع ، الجزائر 2002 ، ص 15.
• التعريف بأشهر سلاطين بني زيان ملوك تلمسان:
1- أصل بني عبد الواد:
بنوا عبد الواد فرع من فروع الطبقة الثانية من قبيلة زناتة الكبرى و التي تقطن المراكز الانتقالية و المؤقتة بين التل و الصحراء ، و كانوا موالين للدول التي بسطت نفوذها على المنطقة و لهذا كان لهم وزن في الميدان السياسي و العسكري الشيء الذي جعل الدول تسعى إلى مسالمتهم و بالتالي التقرب منهم و استمالتهن إليهم حتى انتصرت دولة الموحدين فبدؤوا يتطلعون إلى الرياسة و حب الإمارة.
و كان العدد الأكبر من هذه الطبقة يرجع إلى بنو واسين أين يصلين إخوة مغراوة و بني يفرن ، و هذه الطبقة تحتوي على بطون عديدة فمنهم بنو مرين و هم أكثر عددا و اكبر سلطة ثم يليهم بنو عبد الواد الذين يحتلون المرتبة الثانية من حيث المكانة و النفوذ و أخيرا بنو توجين و مغراوة و قد تفرقوا بين الدولتين يناصر كل منهم حليفه.
2- قبيلة الأسرة الزيانية الحاكمة:
و تسمى في بادئ الأمر بقبيلة بني عبد الواد , و قد ذكر ابن خلدون عبد الرحمن بان لهذه القبيلة ست بطون هي : بني ياتكين ، و بنو وللو ، و بنو وصطف و مسوفة ، و بنو تومرت و بنو القاسم هم اشد بطون بني عبد الواد قوة و أعظمهم عصبية و لهم بدورهم بطون كثيرة منهم بنو يكثيمن بن القاسم ، و كانت لهم الرياسة في القبيلة من قبل ، و بنو مطهر بن يمن بن يزقن بن القاسم ، إضافة إلى بني علي بن القاسم و هو جد الأسرة المالكة الزيانية.
و هذا البطن هو اشد بطون بني القاسم عصبية و أقواهم ساعدا و أكثرهم جمعا ،و هذا البطن ينقسم إلى 4 أفخاذ : بنو طاع الله ، و بنو دلول ،و بنو كمي ، و بنو معطي ، جوهر و كلهم من بني علي بن القاسم و قد كانت الزعامة حينها من نصيب بنو طاع الله و أميرهم محمد بن ريدان بن يني و لحسن بن طاع الله.
__________________
(1) مكوي محمد ، الأوضاع السياسية و الثقافية للدولة العبد وادية منذ قيامها و حتى نهاية عهد أبو تاشفين، شهادة ماجستير، جامعة تلمسان ، 2001 م ، ص 45 و ص 19.
انظر كذلك :
عبد الرحمن ابن خلدون، تاريخ العبر، الجزء السابع، ص 120، ص 147، 149.
و لقد كانت ليغمر اسن بن زيان مواقف سياسية سجلها له التاريخ و ظهر فيها دبلوماسيا محنكا حيث عمل على مصاهرة السلطان أبي إسحاق إبراهيم » الحفصي » فخطب كريمته لولده وولي عهده أبي سعيد عثمان و بذلك أغلق الباب في الشرق ، ثم عمل إلى عقد الصلح مع بني مرين ، ليتفرغ بعدها لعمارة عاصمته و دار مقامه و أول ما بدا في بناءه صومعة مسجد أغادير الذي كان يحرص على العناية به و بناءه لصومعة مسجد تا قرارات الذي زاد فيه و زينه ليكون في مستوى حاضرته و ما صارت إليه من الملك ، ليتفرغ بعدها إلى بناء قصره بالمكان الذي يسمى اليوم بقلعة المشور ، و انتقل إليه أوائل القرن الثالث عشر ، فقد وصف لنا محمد التنسي » منازله الجليلة و حدائقه النضرة ، هدم بعض حجراته باي الجزائر سنة 1670م اثر ثورة قام بها التلمسانيون على حاكم المدينة ، ثم قضى على ما بقي منه الفرنسيون سنة 1843م ليحولوه إلى معسكر و مستشفى عسكري ، إلا أنهم تركوا صومعة جميلة تدل على انه كان للقصر مسجد خاص حولوه إلى كنيسة أعيد استعمالها و ترميمها لاحقا ، و التي حولت إلى متحف للطقوس الإسلامية حاليا. (1)
__________________
(1) محمد بن عمرو الطمار ، تلمسان عبر العصور… ص 95 ، 96 ،97 .
3- أشهر سلاطين بني زيان:
أ- يغمراسن مؤسس الدولة الزيانية
هو السلطان يغمراسن بن زيان اخو الأمير » أبو عزة زيدان بن زيان « ، خلفه في رياسة قبيلته بعد مقتله و مع قدومه تبدأ المرحلة الثانية من تأسيس الدولة الزيانية ، فأحسن السيرة في قومه و استمال اغلب القبائل العربية و لاسيما زغبة * وكذلك بطون زناتة ، و انتقى جيشا منهم و أضاف إليه فرقا من عناصر مختلفة كالغز و الروم في بداية الأمر (1) و استحدث مجلسا للوزراء و الأعيان و اختار لديوانه نخبة من الكتاب و العمال الوافدين إليه من الجاليات الأندلسية المهاجرة من قرطبة و اشبيلية ، فآثرهم يغمراسن و قربهم إلى مجلسه و سخرهم لتوطيد ملكه فلبس شارة السلطان و بعث في الأعمال .
و لكن قيام السلطان الحفصي أبو زكريا الأول إلى تلمسان و استيلاءه عليها ثم معاهدته مع يغمراسن على الدعوة و الولاء جعلت خليفة مراكش السعيد لا بو الحسن ( 640-646 هجري) /(1242-1248م) ، يعلن الحرب على تلمسان و أميرها ، فخرج في جيش ضخم سنة 645 هجري / 1247م يريد تأديب يغمراسن الذي لم ينتظر وصوله بل خرج إليه و فاجأه في الطريق بالقرب من قلعة « تامزيزدكت » جنوب وجدة و التي تحصن بها يتحين الفرصة للانقضاض على الموحدين مما يميز عبقريته و دهائه في الحرب و الخدعة ، فاستولى يغمراسن على محلة أبي الحسن السعيد و ذخائره. (3)
و لقد عرفت تلمسان بعدها نهضة عمرانية و ثقافية هامة ، بدأها يغمراسن بتوسيع رقعة مملكته فأرسل الجيوش شرقا و غربا ، كانت على إثرها حروبا كثيرة مع المرينيين خاصة ، أين خسر فيها جميعا فاكتفى بالدفاع عن حدوده و تخوم مملكته و التي امتدت من مدينة وجدة إلى بلاد تاوريرت و مدينة سجلماسة ، و إقليم فجيج في الجنوب الغربي ، و البلاد التي تلي نهر وادي » صا » المتفرع عن وادي ملوية شمالا و مدينة ما زونة و تنس و الونشريس و المدية و سهل متيجة و صولا إلى أطراف بجاية في الشرق، ووصولا إلى ورجلة وغرداية و ما جاورها من الصحراء جنوبا .
____________________
* زغبة : قبيلة من بني هلال.
(1) و (2) الأخضر عبدلي ، مملكة تلمسان في عهد بني زيان ، شهادة التعمق في البحث (د3) ، كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية ، تونس 1987م ، ص 53.
(3) عبد العزيز فيلالي ، المرج السابق ، ص21.
ب- أبو تاشفين الأول مجدد الدولة الزيانية و معمارها
ولد أبو تاشفين عبد الرحمن الأول سنة 692 هجري الموافق ل 1311م و جلس على العرش يوم الخميس 23 جمادى الأولى 718 هجري الموافق ل 23 حزيران سنة 1337م و ذلك بعد ثورته على أبيه أبي حمو موسى الأول و قتله إياه بتحريض من مولاه هلال القطلوني و قد و صلت الدولة الزيانية في عهده إلى أوج عصرها الذهبي أين وصلت جيوشه عاصمة بني حفص في الشرق ( تونس ) و فتحها عنوة ، و توسعت رقعة مملكته ، و معها بالطبع زاد حجم الأموال و الضرائب التابعة لخزينة الدولة ، مما دفع بابي تاشفين إلى بناء القصور و الصروح و المعاهد المجيدة و اشهرها المدرسة التاشفينية البديعة ، و التي بناها إزاء الجامع الكبير بعدما ضاقت المدرسة القديمة التي بناها أبو حمو موسى الأول بالطلبة و طلاب العلم، تكريما لابني الإمام حجة الإسلام اللذان ذاع صيتهما في العالم الإسلامي ، و عين بها مدرسين مثل الإمام أبي موسى المشدالي و جعلها جامعة لمختلف العلوم الفقهية و العقلية و الفلكية.
وقد كان هذا السلطان مولعا بالتعمير و الإبداع ، و بصيرا بالتشكيل و الرسم و لهذا استدعى الصناع و المهرة من الأندلس فبعث إليه سلطان غرناطة أبو الوليد الأحمر بالبنائين المهرة و الزلاجين و الزواقين إضافة إلى الآلاف من الأسرى الأوروبيين و القطلونيين المتفننين في مختلف الصنائع من نجارة و غيرها ، و ابتنى قصورا عديدة منها دار الملك و دار السر و دار أبي فهر ، و لعله ضاهى بابي فهر المستنصر الحفصي بتونس ، فحلى احدها بشجرة صنعت من فضة كان قد شكلها العالم الفلكي » ابن الفحام التلمساني » ووضع نسخة منها في المدرسة التاشفينية.
و كان قد ابتنى صهريجا كبيرا حوالي ( 735 هجري / 1353م )، و إضافة لكل هذا فقد أحاط مدينة الجزائر بسور و أنشئ قصبة سيدي رمضان جوار الجامع المعروف بجامع سيدي رمضان وقد أمر كذلك بتوسيع المسجد الجامع بالجزائر العاصمة ، كما أمر بإدخال إصلاحات على الصومعة التي شيدها جده السلطان يغمراسن بجامع أغادير قد تشهد بذلك كتابة بأسفله. (1)
(1) محمد بن عمرو الطمار ، تلمسان عبر العصور… ص 129 ، 131 ،134 .
_________________
عن : بوزياني دراجي ، نظم الحكم في دولة بني عبد الواد الزيانية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر 1993م ، ص255
المعالم الزيانية بمدينة تلمسان الأثرية:
عمل السلاطين الزيانيون على تشييد المساجد و المعاهد التعليمية باختلاف أحجامها، على نمط المعاهد النظامية بالمشرق العربي. هذه المدارس العليا يتعلم فيها طلبة العلم والمعرفة، مختلف العلوم الشرعية والعقلية، ويتخرج منها، الإطارات التي تسير الجهاز الإداري والقضائي والسياسي ، وكذلك الإطارات التي تشرف التدريس وتسيير المساجد.
ولقد بنيت في مدينة تلمسان العريقة ست مدارس عليا، وزعت على أحياء المدينة وهي كالاتي:
1- مدرسة أولاد الأمام:
أمر ببناء هذه المدرسة السلطان أبو حمو موسى الأول، وعين على رأس هيئة التدريس بها أولاد الأمام أبو زيد عبد الرحمان(ت743ه/1342) وأخوه أبو عيسى (ت749/1348م) ، ولم يتبق من هذه المدرسة الا المسجد الصغير ومنارته، وقد كانت هذه المدرسة مزودة بمسكنين لإيواء الإمامين و عائلتيهما قد اندثرت اليوم.
2-المدرسة التاشفينية:
شيد هذه السلطان المعمار، أبو تاشفين عبد الرحمان الأول بن أبي حمو موسى الأول، بمقابل الجامع الأعظم، تكريما للفقيه أبي موسى المشدالي، و سخر لبنائها فنانين ومهندسين وزلاجين من ذوي المهارة و الكفاءة العالية، في الزخرفة و التزيين و البناء، فكانت هذه المدرسة نموذجا فريدا في التصميم والزخرفة، حسب شهادة المستشرق والرسام الفرنسي جورج مارسي وعدة مهندسين من سلاح الهندسة في الجيش الفرنسي الاستعماري.
احتفل السلطان أبو تاشفين بتدشين هذه المعلمة احتفالا كبيرا، حضرته مشيخة تلمسان و أدباءها، وأهمهم الشيخ أبو موسى عمران المشدالي الزواوي أعرف أهل زمانه بمذهب الأمام مالك. وقد وصف أحد شعراء الأندلس، ما رآه من جمال و بهاء في هذه الأبيات، التي نقشت على دائرة حوض النافورة قائلا:
أنظر بعينيك بهجتي و سنائي وبديع اتقاني وحسن بنائي
وبديع شكلي واعتبر فيما ترى من نشأت بل من تدفق مائي
جسم لطيف ذائب سيلانه صاف كذوب الفضة البيضاء
3-مدرسة أبي مدين بالعباد:(المدرسة الخلدونية)
قام بتشييدها السلطان أبو الحسن المريني عندما استولى على مدينة تلمسان والمغربين، في سنة 747ه/1447م، فوق ربوة مطلة على تلمسان من ناحية الجنوب الشرقي، جنوب ضريح أبي مدين الغوث (وهو Cantillanaأبو مدين شعيب بن حسين الأنصاري الأشبيلي ،ولد سنة 520ه، أصله من قنطيلانه ، حصن صغير في الشمال الشرقي من اشبيلية).
4-مدرسة سيدي الحلوي:
ينسب بناء هذه المدرسة الى السلطان أبي عنان المريني، بعد استيلائه على تلمسان والمغربين سنة 754ه/1454م، بالقرب من ضريح الولي الصالح أبي عبد الله الشودي الاشبيلي، الملقب بالحلوي الذي قتل بمدينة تلمسان اثر وشاية كاذبة للسلطان الزياني آنذاك، حوالي نهاية القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي ، ولم يتبقى من هذه المدرسة سوى الميضأة والمرافق الصحية.
5-المدرسة اليعقوبية بسيدي براهيم:
قام ببنائها السلطان الزياني أبو حمو موسى ثاني، تخليدا لروح والده الأمير أبو يعقوب –حاكم اقليم الجزائر- الذي أدركته الوفاة سنة 763ه/1362م، وكان السلطان أبو حمو موسى ثاني قد أمر بدفن أبيه بضريح قرب مسجد سيدي براهيم ، ونقل رفاة عميه أبا سعيد و أبا ثابت من مدفنهما القديم بالعباد، الى جوار ضريح والده، ثم شرع في بناء مدرسة سميت باسم أبيه، وأوكل للعالم الشيخ الشريف الحسني أبي عبد الله (ت771ه/1370م) بالتدريس فيها، وهي المدرسة التي أشاد الرحالة و المؤرخون بجمالها و رونقها، ولقد حل مكانها مسجد للنساء وتدريس القرآن الكريم بني حديثا.
6-مدرسة سيدي لحسن بن مخلوف أبركان:(أسفل باب زير)
هي المدرسة السادسة و الأخيرة، وقد بناها السلطان الزياني أبو العباس أحمد المعتصم الملقب بالعاقل، تكريما للعالم الرباني الحسن بن مخلوف أبركان جزاء تبشيره له بالنصر والتأييد، وقد بنى بجانبها مسجدا وزاوية، الا أنه لم يتبقى من ذلك الا المسجد ومدرسة لتعليم القرآن أضيفت حديثا.
في الأخير يمكننا أن نستنتج أن مدينة تلمسان، مدينة تاقرارت قديما، كانت قطبا حضاريا وعمرانيا لأقادير، العاصمة الداخلية لمملكة ماساصيليا، بعد تأسيس مدينة سيقا، عاصمة الملك سفاقص . أقادير هذه المدينة الأزلية لم تعد تقوم الا بدور ثانوي بعد سقوط مملكة نوميديا، واحتلالها من قبل الرومان الذين شيدوا مكانها مدينة بوماريا.
ومع بداية النصف الثاني من القرن الثاني الهجري/ بداية القرن الثامن الميلادي، قام الحاكم الأموي أبو المهاجر دينار بتهديم أسوار بوماريا وترحيل سكانها الى مدينة أكادير، التي أصبحت فيما بعد ثالث مدن المغرب الاسلامي بعد القيروان وتونس.
لكن مدينة تلمسان، لم تعرف عهدها الذهبي الا مع قدوم الملوك الزيانيين، وذلك ما بين (663-966ه/1236-1554م)، وهي المدينة التي هيأت مدينة الجزائر، لتكون عاصمة اقليمية للإمبراطورية العثمانية ، وهي المدينة التي عرفت منذ زيارة الأمير خالد بن الأمير عبد القادر الجزائري، وتأسيس الحركة الوطنية الجزائرية و على رأسها مصالي الحاج، ومن بعده المجاهد الشهيد الكولونيل لطفي ، والرئيس المجاهد أحمد بن بلة، أصبحت تلمسان العاصمة الثقافية للجزائر المستقلة، ولا تزال، في ظل البناء و التشييد بزعامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.