العقيدة الحفيدة صغرى صغرى الصغرى
للإمام أبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى مَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ
قَالَ الشَّيْخُ، الفَقِيهُ الهمَام، العَلِيمُ، الأَوْحَدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ سِيدِي مُحَمَّد بن يُوسُف السَّنُوسِي الحَسَنِي، رَحِمَهُ اللهُ تَعَاَلأى، وَرَضِيَ عَنْهُ، آمِين.
الحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ
[الصفات الواجبة في حق الله تعالى]
اِعْلَمْ أَنَّ مَوْلاَنَا جَلَّ وَعَزَّ:وَاجِبُ الوُجُودِ، وَالقِدَمِ، وَالبَقَاءِ، مُخَالِفٌ لِخَلْقِهِ، قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، أَيْ: غَنِيٌّ عَنِ المَحَلِّ وَالمُخَصَّصِ، وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَتَجِبُ لَهُ تَعَالَى:القُدْرَةُ، وَالإِرَادَةُ، وَالعِلْمُ، وَالحَيَاةُ، وَالسَّمْعُ، وَالبَصَرُ، وَالكَلاَمُ الَّذِي لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلاَ صَوْتٍ، وَكَوْنُهُ تَعَالَى قَادِرًا، وَمُرِيدًا، وَعَالِمًا، وَحَيًّا، وَسَمِيعًا، وَبَصِيرًا، وَمُتَكَلِّمًا.
[الصفات المستحيلة في حق الله تعالى]
وَمِمَّا يَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى عِشْرُونَ صِفَةً، وَهِيَ أَضْدَادُ العِشْرِينَ الأُولَى، وَهِيَ: العَدَمُ، وَالحُدُوثُ، وَطُرُوُّ العَدَمِ، وَالمُمَاثَلَةُ لِلْحَوَادِثِ، وَالاِفْتِقَارُ إِلَى المَحَلِّ وَالمُخَصَّصِ، وَالشَّرِيكُ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَأتِ وَالأَفْعَالِ.
وَكَذَلِكَ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى: العَجْزُ عَنْ مُمْكِنٍ مَا، وَالكَرَاهَةُ، وَالجَهْلُ وَمَا فِي مَعْنَاه مِنَ السَّهْوِ وَالغَفْلَةِ وَالذُّهُولِ، وَالمَوْتُ، وَالصَّمَمُ، وَالعَمَى، وَالبَكَمُ.
[الجائز في حقّ الله تعالى]
وَيَجُوزُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى، فِعْلُ كُلِّ مُمْكِنِ، أَوْ تَرْكُهُ.
[بَرَاهِين الصفات الواجبة]
وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُودِهِ تَعَالَى: حُدُوثُ العَالَمِ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَعَالَى قَدِيمًا، لَكَانَ حَادِثًا.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا، لَمْ يَكُنْ قَدِيمًا.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِخَلْقِهِ، لَكَانَ حَادِثًا مِثْلَهُمْ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا بِنَفْسِهِ، لافْتَقَرَ إِلَى المَحَلِّ وَالمُخَصِّصِ. وَلَوْ احْتَاجَ إِلَى مَحَلّ، لَكَانَ صِفَةً. وَلَوْ احْتَاجَ إِلَى مُخَصِّصٍ، لَكَانَ حَادِثًا.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا، لَكَانَ مَقْهُورًا، وَهُوَ القَاهِرُ قَوْقَ عِبَادِهِ.
وَلَوْ لَمْ تَجِبْ لَهُ تَعَالَى القُدْرَةُ، وَالإِرَادَةُ، وَالعِلْمُ، وَالحَيَاةُ، لَمَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ.
وَلَوْ لَمْ يَتَّصِفْ تَعَالَى بِالسَّمْعِ وَالبَصَرِ وَالكَلاَمِ، لَكَانَ نَاقِصًا، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
[برهان الصفات الجائزة]
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُ المُمْكِنَاتِ أَوْ تَرْكِهَا جَائِزًا فِي حَقِّهِ تَعَالىآ، لاَنْقَلَبَتْ الحَقَائِقُ، وَقَلْبُ الحَقَائِقِ مُسْتَحِيلٌ.
[الصفات الواجبة في حقّ الرّسل]
وَأَمَّا الرُّسُلُ –عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- فَيَجِبُ فِي حَقِّهِمْ:
الصِّدْقُ، والأَمَانَةُ، وَتـَبْلِيغُ مَا أَمَرَهُمْ اللهُ بِتَبْلِيغِهِ لِلْخَلْقِ.
[الصفات المستحيلة في حقّ الرّسل]
وَيَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِمْ –عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- أَضْدَادُهَا وَهِيَ: الكَذِبُ، وَالخِيَانَةُ، وَكُتْمَانُ مَا أَمَرَهُمْ اللهُ بتَبْلِيغِهِ لِلْخَلْقِ.
[الجائز في حقّ الرسل]
وَيَجُوزُ فِي حَقِّهِمْ –عَلَيْهِمُ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- مَا يَجُوزُ فِي حَقِّ سَائِرِ البَشَرِ، لَكِنْ مِمَّا لاَ يُؤَدِّي إِلَى نَقْصٍ فِي مَرَاتِبِهِمْ العَلِيَّةِ، كَالمَرَضِ، وَالجُوعِ، وَالنَّوْمِ، وَالأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَالَبيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلاَقِ، نَحْوِ ذَلِكَ.
[برهان الصفات الواجبة في حقّ الرسل]
وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ صِدْقِهِمْ –عَلَيْهِمْ الصَّلاَةً وَالسَّلاَمُ-: المُعْجِزَاتُ.
وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءُ، لَكَانُوا خَائِنِينَ.وَلَوْ لَمْ يُبَلِّغُوا، لَكَانُوا كَاتِمِينَ. وَذَلِكَ مُحَالٌ.
[برهان الصفات الجائزة في حقّ الرسل]
وَدَلِيلُ جَوَازِ الأَعْرَاضِ البَشَرِيَّةِ -عَلَيْهِمْ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- فَمُشَاهَدَةً وُقُوعِهَا بِهِمْ لِأَهْلِ زَمَانِهِمْ، وَنُقِلَتْ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتـُرِ وَاَلأخْبَارِ، نَقْلَ خَلَفٍ عَنْ سَلَفٍ، إِلَى هَلُمَّ جَرَّا.
وَبِاللهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، لاَ رَبَّ غَيْرُهُ، وَلاَ مَعْبُودَ بِالحَقِّ سِوَاه.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَأ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصُحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
كَمُلَتْ العَقِيدَةُ، بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَى.
———————————-
أحدث التعليقات